أنظمة ذكية تحدث تغييرات غير مرئية في أساليب العمل وتعيد تشكيل مفهوم الكفاءة في الخفاء

أنظمة ذكية تحدث تغييرات غير مرئية في أساليب العمل وتعيد تشكيل مفهوم الكفاءة في الخفاء

إيلاف من سان فرانسيسكو: لم تُطلق حملة تسويقية، ولم يُعلن مؤتمر داخلي، لكن شركة ServiceNow الأميركية وفّرت أكثر من 100 مليون دولار في 2025، ببساطة عبر نشر تقنية ذكية داخلية تُدير العمليات الإدارية والموارد البشرية بكفاءة.

بدأت الرسالة في أول يوم عمل داخل مكاتب وادي السيليكون: شاشة ذكية تُجيب عن طلبات الموظفين الروتينية وتصحّح البيانات بدون تدخل بشري. لا يُفصّل أحد كيف تعمل، لكن النتيجة كانت واضحة: تقليص ساعات العمل، تقليل الأخطاء، ومردود مالي صامت.

المثير أن الشركة لم تضف توقعات سردية أو تصريحات مبالغ فيها حول “ثورة تقنية”، بل صرّحت أن هذه التكنولوجيا موجودة للمساعدة… فقط. لكنها في الواقع تتحكّم بصمت في مسببات التوظيف وحركة الرواتب وخطط التدريب دون أن يفكر الموظف في كيفية سير الآلة خلف المشهد.

لم تندلع احتجاجات، ولم تُهدد دورات تدريب مهارات الروبوتات، لكنها أثارت نقاشًا بالطبع داخل المكاتب: هل أصبح الزميل الجديد… أداة؟
هل سيأتي اليوم الذي نجد فيه أن كل العمليات البسيطة تُترك للحاسوب، بينما نركّز نحن فقط على اتخاذ القرارات الصعبة؟

التقارير الأميركية، ومنها ما ورد في موقع Business Insider بتاريخ 25 يوليو 2025، تؤكد أن ServiceNow بدأت تنفيذ ما تسميه “Autonomous Back Office Framework” نهاية عام 2024، وهو نظام يعتمد على الذكاء المؤسسي المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) والتحليلات التنبؤية.
الهدف منه لم يكن الاستعراض، بل تحسين تجربة الموظف، وتوفير بيئة تعتمد على “المهام الذكية فقط”، حيث تختفي المهام اليدوية تمامًا.

اللافت أن ServiceNow، التي تُعد واحدة من أسرع شركات البرمجيات نموًا في العالم بقيمة سوقية تتجاوز 150 مليار دولار، استخدمت تقنيتها الخاصة داخليًا دون طرحها بعد كمنتج تجاري.
وتشير التوقعات إلى أن هذا الاستخدام “الهادئ” ربما يمهّد لنقلة أوسع في السوق، لا تُقاس بضجيج المؤتمرات، بل بفعالية ما يحدث في الخلفية.

وفي حين تبدو النتيجة رائعة اقتصاديًا، تثار تساؤلات مهمّة:
هل هذه الطريقة تُقلّص الوظائف أم تُعيد تشكيلها؟
هل تكون التقنية صديقة للإنسان، أم تدفعه إلى الظلّ ليُشاهد النظام يعمل بدلًا منه؟

صحيح أن هذا التحوّل يرافقه خوف بشري مشروع من التهميش، ومن فقدان السيطرة…
لكنّه أيضًا يحمل بذور فرصة نادرة: أن نترك للأنظمة الذكية المهام الرتيبة، ونحتفظ نحن بالمساحة التي تتطلب تعمّقًا، إبداعًا، وقرارات تتجاوز المنطق الرقمي.
وربما، حين تتكامل الأدوار بين الإنسان والنظام، نكتشف أن الصمت في الكفاءة… ليس غيابًا، بل اتساعًا للرؤية.