إبادة جماعية من قبل إسرائيل

إبادة جماعية من قبل إسرائيل

محمد خلفان الصوافي

مع اقتراب عامين على بدء الحرب الإسرائيلية ضد شعب قطاع غزة، بدأت تظهر قناعات من خبراء ودارسي القانون الدولي ومن موظفي المنظمات الدولية، وعلى رأسهم مقررة الأمم المتحدة في غزة فرانشيسكا ألبانيز، بأن ما تفعله حكومة الرئيس بنيامين نتانياهو من سياسات هي إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية.

الإبادة الجماعية في التعريف النظري لميثاق الأمم المتحدة هي النية للتدمير الكلي أو الجزئي لشعب معين.. وهذه النية موجودة في العديد من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين مثل وزير التراث الإسرائيلي، أميحاي إلياهو، في مايو الماضي من خلال مطالبته بقصف مخازن الأغذية لتجويع أهل غزة لإجبارهم على الهجرة ومغادرة غزة.

أما الإبادة الجماعية من حيث الممارسة فهناك إعاقة واضحة للإمدادات الغوثية وإغلاق المنافذ المؤدية إلى غزة لمنع وصول المساعدات الإنسانية، وهذا السلوك تجرّمه اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907، وهناك أيضاً سياسة القتل العمد أثناء محاولة شعب غزة الحصول على المساعدات..

في مقابل كل ذلك، فإن الحكومة الإسرائيلية تعي أن القانون الدولي يقاضي الدولة المحتلة، وهي إسرائيل هنا، إذا لم تفِ بالتزاماتها الدولية تجاه شعب دولة (أرض محتلة) وهنا غزة، ومن تلك الالتزامات أو الحقوق حق توفير الغذاء وحق توفير الدواء، ولكنها في الحقيقة هي حكومة أمِنت العقوبة وبالتالي من حقها أن تسيء الأدب مع القانون الدولي وأعرافه.

إسرائيل تمارس الهمجية المنظمة دون رادع أو قلق، إلا أن استمرار هذه الإساءة لا يخدم العيش المشترك بين أهل منطقة الشرق الأوسط وإسرائيل. الظاهر من استمرار الحكومة الإسرائيلية في التفنن لطرق وأساليب إبادة شعب غزة سببين اثنين..

السبب الثاني أنه لا يوجد ضغط داخلي حقيقي على الحكومة الحالية من أجل التخلص من نتانياهو، حتى وإن تحدثت التقارير الإعلامية الإسرائيلية بوجود ذلك الضغط من قبل المعارضة في الداخل الإسرائيلي، ولكن الأمر ليس بعيداً من سياسة توزيع الأدوار بين الحكومة والمعارضة ولكن الهدف النهائي واحد.

غياب هذا الضغط ناتج من أن هجوم حماس في أكتوبر 2023 هو تهديد حقيقي لكيان الدولة الإسرائيلية، وبالتالي فما يقوم به نتانياهو هو من باب الدفاع عن النفس.

الدرس التاريخي المهم الذي ينبغي أن تتعلمه حكومة نتانياهو أن ألمانيا هي التي ألغت النازية التي كانت ترتكب جرائم إبادة للشعب اليهودي بعد الحرب العالمية الثانية.

على نتانياهو وفريقه أن يدركوا أهمية التفريق بين محاربة أفراد حماس وبين إبادة شعب غزة بأكمله تحت مبرر غير منطقي وهز محاربة حركة مسلحة.