سوريا للسوريين فقط

تمرّ سوريا بطورها الجديد بعد سقوط نظام شمولي استمرّ لعقود طويلة بين الأب وابنه، بمرحلة إعادة البناء الشامل، كما هو الحال في أي دولة تُعاد هيكلة الحكم فيها تحت وقع الثورات.
وإنّ الشعب السوري، الذي اعتاد العيش تحت نير استبداد النظام البائد، وتجرّع أهوال الحرب الأهلية التي تزامنت معها التدخلات الخارجية لبسط النفوذ واستغلال الفوضى الداخلية، يحق له أخيرًا، كما يحق لغيره من الشعوب، في العيش الكريم وحقّ تقرير المصير.
وبعد إزالة العقوبات الاقتصادية الدولية، حيث لم يعد هناك ما يؤخر سوريا من النهوض من جديد، وفي الوقت الذي يُنتظر منها أن تطبق ما هو مأمول منها، تسارع الإدارة السورية الجديدة في تطبيق خطط الإنعاش الاقتصادي، وتُسابق الزمن في جلب الاستثمارات الخارجية وتحقيق الشراكات الاستراتيجية مع الدول ذات العلاقة، راغبةً بذلك أن تُسهم في نهضتها وأن تجعل من نفسها نموذجًا يُحتذى به كحكومة حديثة النشأة، وآملةً أن ينعكس ذلك في تحسين صورتها الإقليمية والدولية.
كل ذلك يمكن وضعه تحت إطار التنمية الشاملة للدولة، وهي لا تتحقق في حالة انعدام الأمن ووسط الانقسامات. وفي سبيل تحقيقها، لا بد أن تكون الدولة وحدها من يملك أدوات السلطة لفرض الأمن وتطبيق القوانين، فالدولة هي الكيان الوحيد القادر على مواجهة كل ما يهدّد أمنها القومي من مشاكل داخلية وخارجية، ليس الأقاليم المنفصلة، ولا الطوائف والجماعات المسلحة.
ختامًا، سوريا للسوريين، كما هو الحال لكل دولة ذات سيادة، وكل ما يمكن أن يعرقل تماسك الدولة وتحقيق الوحدة الوطنية يناقض الجهود والدعم الدولي الذي يرغب في رؤية سوريا مستقرة وموحدة. وفي ضوء ذلك، فإن المسؤولية تقع على المجتمع الدولي في ضمان عدم التدخل الخارجي ومنع أي محاولة لزرع الانقسامات الداخلية التي من شأنها أن تُقوّض إعادة البناء وتُهدّد وحدة سوريا. وقبل كل ذلك، لا شك أن إدراك أهمية إعلاء المصلحة الوطنية ووعي الداخل السوري، حكومةً وشعبًا، بأهمية وضرورة احتواء الأزمات لا يعود إلا بخير، ويُسهم في خلق حالة الأمن والاستقرار الدائم.