انفجارات قوية غير واضحة تضرب إيران مع مزاعم غير رسمية ضد إسرائيل

إيلاف من طهران: تواصل السلطات الإيرانية التحقيق في سلسلة من الحوادث المتكررة التي تشمل انفجارات وحرائق شبه يومية في مناطق متفرقة من البلاد، وسط ترجيحات متزايدة بوجود حملة تخريب منسقة تستهدف البنية التحتية المدنية والاستراتيجية على حد سواء.
وبحسب ما نقلته سكاي نيوز عربية عن تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، فإن مسؤولين إيرانيين، من بينهم ضابط في الحرس الثوري، أشاروا إلى أن عدداً من تلك الحوادث يُشتبه في أنه ناجم عن عمليات تخريب، مرجحين ضلوع إسرائيل، استنادًا إلى سجلها الطويل في تنفيذ عمليات سرية داخل إيران، شملت اغتيالات وتفجيرات في منشآت نووية وعسكرية.
ويعزز هذا الاتهام الصامت إعلان مسؤول كبير في الاستخبارات الإسرائيلية مؤخراً عن استمرار بلاده في “العمل داخل إيران” حتى بعد انتهاء الجولة الأخيرة من التصعيد العسكري بين الطرفين.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أوروبي مطلع على الملفات الأمنية المرتبطة بطهران، قوله إن طبيعة هذه الحوادث توحي بأنها أعمال ممنهجة وليست عشوائية، مشيرًا إلى احتمال وقوف إسرائيل خلفها سواء كجزء من حرب نفسية طويلة الأمد أو في إطار استهداف مواقع محددة.
رغم تصاعد الشكوك، لم تقدم إيران أدلة رسمية تدعم فرضية التخريب الخارجي، واكتفت بتفسيرات داخلية، عزت فيها أسباب الحرائق والانفجارات إلى تسربات غاز أو حرائق قمامة أو أعطال ناجمة عن تهالك البنية التحتية. إلا أن تكرار هذه الحوادث بشكل شبه يومي، وفي مناطق متفرقة، ومن بينها منشآت استراتيجية مثل مصفاة عبادان جنوب البلاد، حيث قُتل شخص وتوقفت خطوط إنتاج، عمّق من مخاوف المواطنين وأثار تساؤلات حول حقيقة ما يجري.
السلطات الإيرانية التزمت الحذر في توجيه اتهامات مباشرة لإسرائيل، في ما يبدو أنه محاولة لتجنب الدخول في مواجهة جديدة، خاصة بعد الأضرار التي لحقت بمنشآت عسكرية وصاروخية وقواعد دفاع جوي خلال التصعيد الأخير. ورغم أن إيران احتفظت حتى الساعات الأخيرة من القتال بقدرتها على إطلاق صواريخ باليستية، فإن العودة إلى الصدام تعني، بحسب مراقبين، مزيدًا من الاستنزاف العسكري في وقت يتزايد فيه الضغط الداخلي.
وفي خطاب علني نادر، صرّح رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي في يونيو الماضي بأن الوكالة ستواصل تنفيذ عملياتها داخل إيران، قائلاً: “سنكون هناك، تمامًا كما كنا دائمًا”. وفي المقابل، تواصل طهران تقديم تفسيراتها المعتادة، فمرة تُعزى الانفجارات إلى حرق أعشاب مسيطر عليه، وأخرى إلى حرائق نفايات أو مشاكل في البنى التحتية، فيما يلقي مسؤولو الدفاع المدني اللوم على ضعف إجراءات السلامة والمعدات المتهالكة.
ومع تعذر السيطرة على تداعيات هذه الحوادث المتكررة، بدأت تظهر مؤشرات قلق على المستويين الرسمي والشعبي، إذ أشار أحد أعضاء الحرس الثوري إلى أن التأثير التراكمي للانفجارات اليومية بات يثير القلق داخل أروقة السلطة، فيما قال الباحث المتخصص في الشأن الإيراني أميد ميماريان، إن غياب الشفافية وتاريخ النظام في التعتيم على الهجمات يعزز من مشاعر الشك بين المواطنين، الذين باتوا يشككون في الرواية الرسمية بشأن مصدر هذه الحوادث.
وزاد من حدة التوتر وفاة العميد غلام حسين غيب برور، الذي كان يشغل منصب نائب قائد الحرس الثوري، وأشرف على قاعدة عسكرية مسؤولة عن قمع احتجاجات نسائية في 2021. ورغم أن وسائل الإعلام الرسمية عزت وفاته إلى مضاعفات إصابة قديمة من الحرب العراقية الإيرانية، يربط البعض بين توقيت وفاته والمناخ الأمني المتوتر بعد الحرب الأخيرة.
وبينما تحاول السلطات طمأنة الشارع، نشرت شركة الغاز الوطنية إحصاءات تقول إن معدلات الانفجارات المرتبطة بتسرب الغاز لم ترتفع عن العام الماضي، في محاولة للتقليل من المخاوف. من جانبها، دعت بلدية طهران شركتي الغاز والطاقة إلى تقديم تقارير محدثة حول ما وصفته بـ”التطورات الأخيرة في ظروف عادية”، إلا أن الغموض المحيط بتكرار هذه الحوادث، وغياب رواية رسمية موحدة، لا يزال يغذي الشكوك بأن إيران قد تكون بالفعل مسرحًا لعمليات سرية تجري بصمت.