الخصم القريب: تأثير السكر الخفي على حياتك الجنسية

الخصم القريب: تأثير السكر الخفي على حياتك الجنسية

إيلاف من لندن: هل يمكن لملعقة سكر واحدة أن تؤثر على رغبتك الجنسية؟ نعم، بل قد تغيّر مجرى علاقتك بالكامل. فبين متعة لحظية ولذّة عابرة، يختبئ تهديد صامت يعكّر صفو أكثر اللحظات حميمية.

الرغبة تحت المجهر

نادراً ما نفكّر في العلاقة بين ما نأكله وبين ما نشعر به تحت الأغطية. لكن الدكتور جامين برامبهات، جرّاح المسالك البولية وأستاذ الطب بجامعة سنترال فلوريدا، يضع إصبعه على جرح غير مرئي: الإفراط في السكر لا يُصيب التمثيل الغذائي فقط، بل يمتد إلى المزاج، النوم، وحتى الجنس. جاء ذلك في مقال تحليلي نشره عبر شبكة CNN، حيث أثار نقاشًا واسعًا حول الأثر الخفي للسكر على حياتنا الجنسية.

ففي العام 2025، لاقت أدوية GLP-1 رواجًا كبيرًا، إذ ساهمت في خفض الوزن وتنظيم السكر، ما انعكس بدوره إيجابًا على نوعية النوم، و—بطريقة غير متوقعة—على جودة الحياة الجنسية.

لكن بدل الاكتفاء بفاعلية هذه الأدوية، يدعو برامبهات إلى حوار أعمق: لِمَ لا نُعالج الجذر بدل التفرع؟ لماذا لا نواجه إدماننا الصامت للسكر؟

لعبة الأرقام… والجسد

السكر ليس مجرد طاقة، بل مؤشر صحّي شديد الحساسية. الجمعية الأمريكية للسكري تضع المعايير التالية:

الصائم الطبيعي: أقل من 100 ملغ/ديسيلتر

ما قبل السكري: 100–125 ملغ/ديسيلتر

السكري: 126 ملغ/ديسيلتر وما فوق

وتُظهر تحاليل الهيموغلوبين A1c، التي تقيس متوسط السكر خلال 3 أشهر، مدى قدرة الجسم على التحكم الطويل الأمد:

برامبهات يُشير إلى أن هذا الفحص حاسم قبل أي عملية جراحية، خصوصًا تلك التي تتضمّن زرع مواد داخل الجسم. فكلما ارتفعت الأرقام، زادت المضاعفات.

السكر يضعف الرغبة

لكن القصة لا تنتهي في المختبر. فالغلوكوز المرتفع يعبث بأكثر ما نحرص على خصوصيته: الحياة الجنسية.

عند الرجال

ارتفاع السكر يضرّ الأعصاب والأوعية الدموية المسؤولة عن الانتصاب، ويقلّل التيستوستيرون، ما يُضعف الرغبة والطاقة. في عيادة برامبهات، كثير من الرجال يأتون بسبب “خلل جنسي”، ليكتشفوا لاحقًا أن السبب كامن في مستوى سكر لم يُفحص منذ سنوات.

عند النساء

السكر المرتفع يقلّل من تدفّق الدم إلى الأعضاء التناسلية، ويخلخل التوازن الهرموني، ما يؤدي إلى جفاف المهبل، آلام في العلاقة، وصعوبة في بلوغ النشوة. بل ويزيد خطر التهابات المسالك البولية، التي تجعل الجنس مؤلمًا، إن لم يكن منفّرًا.

كثير من النساء يربطن هذه التغيرات بالشيخوخة أو التوتر، لكن نادرًا ما يخطر لهن أن السكر هو السبب.

ملايين لا يعلمون

وفق مراكز السيطرة على الأمراض الأميركية (CDC)، هناك 38 مليون مصاب بالسكري في الولايات المتحدة، وواحد من كل أربعة لا يعلم بإصابته. تبدأ العلاجات غالبًا بأدوية مثل الميتفورمين، ثم تتطوّر نحو الحقن أو الإنسولين في مراحل لاحقة.

لكن هذه الأدوية ليست سهلة الاستخدام، ويتردّد كثيرون في قبولها بسبب مخاوف من هبوط السكر أو صعوبة التحكم بالجرعات.

GLP-1… أملٌ جديد

هنا يأتي دور ناهضات مستقبل GLP-1 مثل “سيماغلوتايد” و”ليراغلوتايد” و”تيرزيباتايد”. هذه الأدوية تحاكي هرموناً طبيعيًا ينظّم السكر، يبطئ الهضم، ويزيد الشعور بالشبع.

وبينما كان الغرض منها علاج السكري، لاحظ الباحثون تأثيرات إضافية: المساعدة في خفض الوزن وتحسين التوازن الهرموني، خصوصًا التستوستيرون.

في دراسة أولية، وُجد أن نسبة الرجال الذين يملكون مستويات طبيعية من التستوستيرون ارتفعت من 53٪ إلى 77٪ بعد 18 شهرًا من العلاج و10٪ خسارة في الوزن.

لكن… هل يمكننا البدء من مكان أبسط؟

التمسّك بنمط حياة صحي قد يكون أكثر صعوبة على المدى القصير، لكنه أقل تكلفة على المدى الطويل. فالرياضة تعزّز حساسية الجسم للأنسولين، وتحسّن المزاج والطاقة والوظيفة الجنسية.

النظام الغذائي المتوازن والنوم الجيد وتقليل التوتر كلها مفاتيح حيوية، لا تضبط السكر فقط، بل تحسّن جودة الحياة بأكملها—من التمثيل الغذائي… إلى العلاقة الحميمة.