هل تنأى القاهرة بنفسها عن واشنطن؟… التعاون العسكري بين مصر وروسيا والصين يغير معالم اللعبة.

هل تنأى القاهرة بنفسها عن واشنطن؟… التعاون العسكري بين مصر وروسيا والصين يغير معالم اللعبة.

إيلاف من القاهرة: أشارت دراسة أمنية صادرة عن “مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية” الإسرائيلي إلى تصاعد القلق في الأوساط السياسية والعسكرية في إسرائيل والولايات المتحدة جراء تزايد التعاون العسكري بين مصر وكلٍّ من روسيا والصين، معتبرة أن هذا التحالف يعزز من المكانة الإقليمية لمصر ويقوّض النفوذ الغربي التقليدي فيها.

ورأت الدراسة أن اعتماد القاهرة المتنامي على منظومات التسليح القادمة من موسكو وبكين يشكل تحدياً مباشراً لواشنطن، التي لطالما استخدمت المساعدات العسكرية كأداة ضغط سياسي لتعزيز أجندات الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر. وأشارت إلى أن هذا التوجه قد يعرّض مستقبل المساعدات الأمريكية للخطر، ويمنح الصين موطئ قدم أعمق في شمال إفريقيا.

وسلط التقرير الضوء على تأجيل اللقاء الذي كان من المقرر أن يجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي في مايو الماضي، معتبراً أن الخطوة كانت بمثابة رسالة احتجاج غير معلنة على التقارب المصري الصيني، لا سيما في المجال العسكري والاقتصادي.

وبحسب الدراسة، فإن القاهرة اتخذت مساراً استراتيجياً لتوسيع شبكة مورّدي الأسلحة منذ عام 2014، عقب قرار إدارة أوباما بتجميد جزئي للمساعدات العسكرية الأمريكية في أعقاب الإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين. وشهدت تلك المرحلة تحولاً نوعياً في طبيعة الشراكات الدفاعية المصرية، حيث توجهت إلى التسلّح من روسيا وألمانيا وفرنسا والصين، إلى جانب إقامة تعاونات مع دول مثل اليابان وتركيا.

وفي الفترة الممتدة بين 2015 و2019، جاءت مصر في المرتبة الثالثة عالمياً بين أكبر مستوردي الأسلحة، وفق الدراسة، حيث حصلت على طائرات مقاتلة وسفن حربية وأنظمة دفاعية متنوعة. وفي عام 2023، وسّعت القاهرة نطاق التعاون العسكري مع أنقرة، عبر اتفاقيات نقل تكنولوجيا في المجالين الجوي والبحري.

وأبرز التقرير قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من المناورة الجوية المشتركة التي أجرتها القوات المسلحة المصرية مع نظيرتها الصينية في أبريل 2025 بشرق سيناء، قرب الحدود مع إسرائيل وقطاع غزة. وأكد أن هذا التطور العسكري غير المسبوق يشكل إشارة إلى تحول مقلق في التوازن الإقليمي.

وفي المقابل، لفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة لم توقف بالكامل دعمها العسكري لمصر، بل على العكس، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية في ديسمبر 2024 على صفقات سلاح جديدة للقاهرة بقيمة 5 مليارات دولار، تبعتها أخرى بمئات الملايين في أوائل 2025، ما يعكس التناقض بين السياسة المعلنة والواقع الأمني المتشابك.

وأشارت الدراسة إلى تعزيز الصناعات الدفاعية المصرية المحلية، مشيدة بتقدم ملحوظ في إنتاج المركبات القتالية والمدرعات، وبتطوير القدرات البحرية من خلال انضمام فرقاطة “ميكو A-200EN” الألمانية الصنع إلى الأسطول المصري نهاية عام 2023.

أما في الجانب السياسي، فتوقفت الدراسة عند فتور العلاقات المصرية الإسرائيلية عقب هجوم 7 أكتوبر 2023، معتبرة أن القاهرة أظهرت مواقف متعارضة مع التوقعات الإسرائيلية، من خلال إدانتها المتكررة للعمليات العسكرية في غزة، وتعاطفها السياسي والإعلامي مع حركة حماس.

ووصفت التصعيد المصري عند الحدود، دون تنسيق مسبق مع إسرائيل، بأنه ضربة للعلاقة الأمنية التي شُيّدت منذ تولي السيسي الحكم في 2014، وأعاد النظر في مدى استقرار تلك الشراكة الأمنية.

وختمت الدراسة بالتحذير من أن استمرار هذا التوجه المصري قد يؤدي إلى إعادة رسم معادلات النفوذ العسكري والسياسي في المنطقة، ما يستدعي من صناع القرار في تل أبيب وواشنطن مراجعة أدوات تعاملهم مع القاهرة ضمن استراتيجية إقليمية أوسع.