فرنسا أطلقته وإسرائيل قد تستهدفه: من هو جورج إبراهيم عبد الله؟

إيلاف من بيروت: في عالم تتداخل فيه مفاهيم النضال والملاحقة والإرهاب، يبرز اسم جورج إبراهيم عبد الله كأحد أكثر الرموز إثارة للجدل في الذاكرة السياسية والأمنية المعاصرة.
فالرجل، الذي قضى أكثر من أربعة عقود خلف القضبان الفرنسية، خرج اليوم، 17 يوليو 2025، بقرار قضائي طال انتظاره، ليعيد فتح ملف ظل لسنوات محورًا لصراعات سياسية ودبلوماسية معقدة.
عبد الله، المولود عام 1951 في بلدة القبيات شمالي لبنان، لم يكن مجرد ناشط سياسي عابر في زمن مضطرب. بدأ حياته المهنية معلماً، لكنه سرعان ما انخرط في أوساط الحركات اليسارية المناهضة للاستعمار، متأثراً بالقضية الفلسطينية، وتحالف مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قبل أن يؤسس في نهاية السبعينيات “الفصيل المسلح الثوري اللبناني” (LARF).
بين مؤيديه، هو مقاوم أممي تصدى للهيمنة الغربية والمشروع الصهيوني، بينما تصفه الدوائر الغربية، وتحديداً في الولايات المتحدة وإسرائيل، بأنه متورط في جرائم إرهابية استهدفت دبلوماسيين على الأراضي الفرنسية، من بينهم الدبلوماسي الإسرائيلي يعقوب بارسيمانطوف والملحق العسكري الأمريكي تشارلز راي، في مطلع الثمانينيات.
اعتُقل جورج عبد الله في أكتوبر 1984 بمدينة ليون الفرنسية، بعدما ضبط بحوزته جوازات سفر مزورة وأسلحة. ووجد المحققون لاحقاً مخبأ أسلحة ومتفجرات على صلة به في باريس. أُدين عام 1987 بالسجن المؤبد، رغم أن قضيته، منذ بدايتها، لم تخضع لمنطق قانوني صرف، بل ظلت رهينة التوازنات الدولية والضغوط السياسية المتشابكة.
وبرغم استيفائه شروط الإفراج المشروط منذ عام 1999، بقيت الأبواب مغلقة أمامه، نتيجة لرفض السلطات المتكرر الاستجابة لطلبات إطلاق سراحه، وسط ضغوط أمريكية وإسرائيلية تحول دون الإفراج عنه.
وفي نوفمبر 2024، أصدرت محكمة فرنسية حكماً بالإفراج عنه بشرط مغادرته البلاد، لكن النيابة المتخصصة في مكافحة الإرهاب سارعت إلى استئناف القرار، ما أجّل خروجه حتى صدور القرار النهائي هذا الأسبوع.
ومع إعلان إطلاق سراحه، ارتفعت الأصوات المحذرة من تداعيات محتملة. فقد دعا الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، حنا غريب، السلطات اللبنانية إلى تحمّل مسؤولياتها، محذّراً من إمكانية استهداف إسرائيل لعبد الله فور عودته، وهو تحذير يتقاطع مع تاريخ طويل من التصفيات والعمليات السرية التي لا تزال المنطقة تحمل آثارها.
جورج عبد الله، اليوم، لم يعد مجرد اسم في ملفات الأمن الفرنسي، بل هو عنوان لصراع طويل بين من يعتبره رمزاً للمقاومة، ومن يراه متورطاً في أعمال عنف لا تغتفر. وبين هذا وذاك، يبقى الرجل شاهداً على زمن تحكمت فيه السياسة بالمحاكم، والخرائط بالعدالة.