كولومبوس الأمريكية تبدأ من جديد… ولكن بثقة متواضعة!

إيلاف من سان فرانسيسكو: قبل عام فقط، وتحديدًا في أبريل 2024، تلقت مدينة كولومبوس، عاصمة ولاية أوهايو الأميركية، صفعة رقمية مؤلمة. هجوم ببرمجيات فدية (Ransomware) أصاب أنظمة المدينة بالشلل، مما أثر على خدمات رئيسية وشلّ العمل البلدي لأسابيع. لم يكن مجرد انقطاع مؤقت… بل كان إنذارًا رقميًا مدويًا.
اليوم، وبعد مرور أكثر من 12 شهرًا على الحادث، قررت المدينة ألا تعود إلى الوراء. بل أعلنت في يوليو 2025 عن استثمار كبير بقيمة 23 مليون دولار في شبكة أمان جديدة تمامًا تعتمد على مبدأ يُسمى “الثقة الصفرية” أو Zero Trust Network.
ما معنى هذا المفهوم؟ ببساطة: لا أحد يُوثَق به تلقائيًا، سواء من داخل الشبكة أو خارجها. كل مستخدم، وكل تطبيق، وكل جهاز، يجب أن يُثبت أحقيته في الدخول، في كل مرة. حتى الموظف الذي يدخل إلى بريده يوميًا، سيُسأل مجددًا: من أنت؟ ولماذا تحتاج هذا الملف؟ وما الذي يُثبت أنك لست مخترقًا؟
الهدف من هذا النظام الجديد، بحسب ما أوضحه المسؤولون المحليون، ليس فقط الحماية، بل التقسيم الذكي. فبدل أن تكون كل أنظمة المدينة متصلة ببعضها، كما حدث في الهجوم السابق، ستُقسّم الخوادم (Servers) والمعلومات إلى مناطق منفصلة، بحيث لا ينتقل الهجوم من خدمة إلى أخرى كالنار في الهشيم.
هذا النوع من الشبكات بدأ يلقى رواجًا عالميًا، خاصة بعد تزايد الهجمات على البنى التحتية للمدن والمؤسسات الحكومية. فبعد أن كانت الحكومات تُركّز على بناء “أسوار حماية عالية”، أصبح التركيز الآن على “تحديد من يدخل وماذا يفعل بعد الدخول”.
بحسب تقرير نشرته قناة NBC4 المحلية، فإن المشروع سيُنفّذ على مراحل، تشمل تحديث البنية التحتية، وإعادة تدريب الموظفين، وتركيب أنظمة مراقبة متقدمة تستند إلى التحليلات السلوكية للمستخدمين.
وإن كانت كولومبوس قد خصّصت ملايين الدولارات لبناء جدار رقمي لا يُخترق، فليس شرطًا أن تملك الميزانية ذاتها لتحمي نفسك.
ابدأ من الأساس: لا تستخدم كلمة مرور واحدة في كل مكان، فعّل التحقق بخطوتين، ولا تثق بأي رسالة تطلب منك معلومات شخصية مهما بدت رسمية.
فالقرصنة لا تفرّق بين مدينة وبيت، بين شركة وفرد… وكل خطوة أمان تتخذها اليوم قد تكون الفارق غدًا بين نجاةٍ واختراق.
أمنك يبدأ منك.