هجمات الحوثيين تغمر السفن وتثير مخاوف بيئية

ايلاف من لندن: في تطور ميداني أعاد التوتر إلى البحر الأحمر، استأنفت جماعة الحوثي في اليمن هذا الأسبوع عمليات استهداف السفن التجارية، منهيةً بذلك فترة هدنة غير معلنة استمرت لأكثر من ستة أشهر. وأدى هذا التصعيد إلى غرق سفينتين ومقتل عدد من البحارة، في ما وصفته مصادر غربية بأنه “أخطر تصعيد منذ عام”.
الهجوم الأول: “MAGIC SEAS”
وقع الهجوم الأول يوم الأحد 7 حزيران (يونيو)، عندما اقتربت زوارق حوثية من السفينة “MAGIC SEAS”، التي ترفع علم ليبيريا وتملكها شركة يونانية، وقُصفت بطائرات مسيرة وخمسة صواريخ باليستية وصواريخ كروز.
ورغم مقاومة طاقم الأمن على متن السفينة، اندلع حريق كبير وتسربت المياه إلى داخلها، مما أجبر الطاقم المكون من 22 فردًا على إطلاق نداء استغاثة. وتم إنقاذهم لاحقًا بواسطة السفينة الإماراتية “SAFEEN PRISM”، لكن السفينة غرقت بالكامل.
شحنة مقلقة وتحذير أوروبي
بحسب مصادر أوروبية، كانت السفينة تحمل قرابة 35 ألف طن من نترات الأمونيوم، ما أثار مخاوف من كارثة بيئية كبرى في حال تسرّب هذه المواد إلى البحر الأحمر. وأصدر الاتحاد الأوروبي بيانًا أدان فيه الهجوم واعتبره تهديدًا بيئيًا “وشيكًا”.
بعد العملية، أعلن المتحدث باسم الحوثيين، يحيى سريع، مسؤولية جماعته عن الهجوم، متوعدًا بمواصلة استهداف السفن المملوكة لشركات يونانية، ومؤكدًا استمرار العمليات في البحرين الأحمر والعربي.
توثيق الهجوم واستعراض القوة
بعد يومين، بثت جماعة الحوثي مقطع فيديو يُظهر لحظة انفجار السفينة وغرقها، في خطوة وصفتها مصادر أمنية دولية بأنها “استفزاز مدروس” يهدف لإثبات القدرة على التأثير وكسر حالة الردع.
الهجوم الثاني: “ETERNITY C”
في اليوم التالي، استهدفت جماعة الحوثي سفينة أخرى، هي “ETERNITY C”، أيضاً ترفع علم ليبيريا وتتبع لشركة يونانية. ووفق شركة الأمن البريطانية “AMBREY”، استخدمت الزوارق الحوثية قذائف يدوية وطائرات مسيرة، ما أدى إلى تعطل السفينة وغرقها لاحقًا.
الهجوم أسفر عن مقتل خمسة من أفراد الطاقم، وإصابة عدد آخر، مع فقدان أربعة، واختطاف ستة، بينما تم إنقاذ عشرة ناجين.
وتعد هذه أولى حالات القتل بين طواقم السفن منذ عام كامل، ما يعكس تصعيدًا خطيرًا في تكتيكات الحوثيين.
إشارات ودوافع
ترى مصادر أمنية دولية أن هذه الهجمات تعكس تحولًا في تكتيك الحوثيين من التهديد إلى الاستهداف المباشر والمُميت. ويُرجّح مراقبون أن تكون تلك العمليات محاولة لفرض معادلة جديدة في البحر الأحمر، تزامنًا مع المفاوضات السياسية الجارية بشأن النزاع في غزة.
كما لا تستبعد المصادر أن تكون هذه الهجمات جزءًا من استراتيجية ضغط إيرانية، حيث تستخدم طهران الحوثيين كورقة نفوذ في الممرات البحرية، دون الانخراط المباشر، ما يتيح لها المناورة دون الدخول في مواجهة مفتوحة مع القوى الغربية.
آثار اقتصادية متسارعة
تصاعد التوتر أدى إلى اضطرابات واسعة في حركة الملاحة الدولية، وارتفاع تكاليف التأمين والشحن. وتضررت دول عربية، على رأسها مصر، التي تراجعت عائداتها من قناة السويس. في المقابل، لم تسجل إسرائيل تأثرًا مباشرًا، نظرًا لاعتمادها على البحر المتوسط.
يبقى الخطر الأبرز بيئيًا، مع احتمال تسرّب نترات الأمونيوم إلى مياه البحر، ما قد يُسبب تدميرًا بيئيًا طويل الأمد. وحتى اللحظة، لا توجد استجابة دولية جدية أو خطط طوارئ واضحة لمواجهة هذا السيناريو.
مع تواتر الهجمات وتوثيقها من قبل الحوثيين، تتصاعد الدعوات لتدخل دولي أكثر فاعلية. ومع ذلك، تبقى ردود الفعل السياسية محدودة، ويظل الأمن الملاحي العالمي عرضة لهجمات جماعة مسلحة وسط غياب الردع الفعّال، بينما يدفع الشعب اليمني الثمن الأكبر وسط ظروف إنسانية قاسية.