وزارة الحج والعمرة وأسرار تميّز الربط الوظيفي

وزارة الحج والعمرة وأسرار تميّز الربط الوظيفي

حققت مؤخراً وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية المركز الأول في قياس الارتباط الوظيفي عن فئة الوزارات الحكومية لعام 2024م، وذلك للمرة الثالثة على التوالي، خلال الحفل السنوي الذي رعاه معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي قبل أسابيع، لتكريم الجهات الحكومية التي حققت أعلى مستويات الارتباط الوظيفي. وقد علّق معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة بهذه المناسبة عبر حسابه في منصة (إكس) قائلاً: “إن هذا الإنجاز يأتي إيماناً منهم بأن بيئة العمل الصحية عامل مهم في الدافعية والبذل والاجتهاد، إذ إن شعور الموظف بالانتماء يزيد من العطاء والولاء”. والحقيقة أن تصريح معاليه جاء لتأكيد المؤكد حيال التميز المشهود الذي تقدمه الوزارة طيلة العام، وفي موسم الحج وشهر رمضان المبارك على وجه الخصوص.

وجاء ترتيب أفضلية قياس الارتباط الوظيفي عن فئة الوزارات الحكومية كما يلي: في المركز الأول وزارة الحج والعمرة، وفي المركز الثاني وزارة الشؤون البلدية والإسكان، فيما حصلت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات على المركز الثالث. أما فئة المؤسسات والمجالس والهيئات العامة، فقد حصل على المركز الأول المركز الوطني للتنافسية، وجاءت الهيئة السعودية للملكية الفكرية في المركز الثاني، فيما حلّت الهيئة العامة للأوقاف في المركز الثالث. أما فئة الجهات التعليمية والتدريبية، فقد حازت جامعة المجمعة على المركز الأول، تلتها جامعة نجران في المركز الثاني، وجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن في المركز الثالث. الجدير بالذكر أن برنامج الارتباط الوظيفي يُعد إحدى المبادرات الاستراتيجية لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ويهدف إلى تعزيز ثقافة الأداء العالي، وخلق بيئة تنافسية إيجابية بين الجهات الحكومية، وتشجيع تبادل أفضل الممارسات في مجال إدارة وتطوير رأس المال البشري.

دعوني أعود لحديث معالي الوزير الربيعة عندما ذكر أن شعور الموظف بالانتماء يزيد من عطائه وولائه، وأهم عوامل تحقيق ذلك: بيئة العمل الصحية. والحقيقة أن معاليه قد أصاب كبد الحقيقة، إذ لا يمكن مطالبة الموظف بتقديم كل ما لديه في ظل بيئة عمل سيئة ممتلئة بكل ما يمكن أن يخطر على البال من طاقة سلبية، سواء في نقل الكلام والتفنن في النميمة بين زملاء العمل للوقيعة بينهم، أو تكوين (المستوطنات الشللية) المستأثرة بكل المزايا وكعكة الامتيازات، والتي من نتائجها عدم إنصاف ذوي الكفاءات والتضييق عليهم، أو صرف الوقت على توافه الأمور والانشغال بجزئيات بسيطة وترك أساسيات المجهود الوظيفي. كل ذلك وغيره هو محصلة طبيعية لضياع بوصلة الانضباط في الوزارة أو المؤسسة أو القطاع، ويزداد الأمر تعقيداً عندما يكون أصحاب القرار في المنظومة بعيدين كل البعد عن متابعة سير العمل فيها، فتُمنح إثر ذلك الصلاحيات لمن لا يستحقها ليفعلوا ما طاب لهم من تعسف في اتخاذ القرارات وتقصير في متابعة شؤون الموظفين وما يعانونه من تحديات وظلم في الترقيات، حتى تبدو المنظمة كما لو كانت مزرعة خاصة يفعل المتنفذ فيها ما طاب له دون حسيب أو رقيب، ويصبح معيار التوظيف والترقيات مبنياً على المزاجية والعلاقات الشخصية بكل صفاقة وعنجهية. حينها لا تسل عن الارتباط الوظيفي أو ولاء الموظف الكفء المغلوب على أمره، الذي كان قدره أن يتولى مسؤوليته هذه النوعيات الرديئة من القيادات.

لذلك، أقترح على وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أن تستحث الخطى في البحث والتقصي كل عام عن القطاعات التي تقل فيها نسبة المشاركة في استبيان الارتباط الوظيفي عن 50%، واستكشاف مكامن التقصير ومحاسبة المقصر مهما علت درجته الوظيفية، ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار دون النظر لأي اعتبارات أخرى. ولا يخامرني أدنى شك بأن إجراءً كهذا من شأنه استئصال كل الأورام الخبيثة في جسد المجتمع الوظيفي، ليستعيد رأس المال البشري عافيته وحيويته. حينها ستصلح حال القطاعات المقصرة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

محمد السالم