إسرائيل تستهدف الموانئ لتعطيل الحوثيين وإغلاق الطريق الإيراني إلى البحر الأحمر.

إيلاف من لندن: تفيد مصادر مطلعة بأن جماعة الحوثي تواصل منذ أكثر من عام ونصف تنفيذ عمليات عسكرية في البحر الأحمر، بتوجيه ودعم إيراني مباشر، بهدف تعطيل ممرات التجارة البحرية والإضرار بها، وذلك في إطار دعمها لحركة حماس في الحرب الدائرة مع إسرائيل في قطاع غزة.
وبحسب مصادر يمنية وغربية، فإن الحوثيين لا يتحركون بشكل منفرد، بل ينفذون أوامر وتوجيهات إيرانية ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة. وتؤكد هذه المصادر أن إيران تستخدم الحوثيين كورقة ضغط في صراعها مع الغرب، وتسعى من خلال تصعيد التوترات في البحر الأحمر إلى تحسين شروطها في المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة بشأن الملف النووي والعقوبات الاقتصادية.
وتشير المصادر إلى أن إيران تدعم الحوثيين بالأسلحة والتكنولوجيا والخبرات العسكرية، وتوجههم لاستهداف الملاحة الدولية بهدف إظهار قدرتها على تهديد المصالح الغربية والإقليمية، وبالتالي تعزيز موقفها التفاوضي أمام واشنطن والقوى الكبرى.
منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، بدأت الجماعة في استهداف سفن مدنية وعسكرية في البحر الأحمر، ما أدى إلى تقييد حرية الملاحة البحرية وتسبب في أضرار جسيمة للاقتصاد العالمي.
وفي تطور لافت، شنت إسرائيل في 20 تموز (يوليو) 2024 أول هجوم لها على ميناء الحديدة، مستهدفة خزانات وقود ورافعات مخصصة لتفريغ الحاويات. ومنذ ذلك الحين، ركزت العمليات الإسرائيلية على موانئ خاضعة لسيطرة الحوثيين، مثل الحديدة، الصليف، ورأس عيسى، مستهدفة منشآت حيوية تشمل خزانات وقود، مباني مولدات كهربائية، محطات طاقة، محطات نقل، محطات غاز، قاطرات، أرصفة رسو، ومطار صنعاء.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الهجوم الأخير الذي وقع ليل الأحد إلى الاثنين، شاركت فيه نحو 20 طائرة مقاتلة وأكثر من 50 ذخيرة دقيقة، حيث تم استهداف ميناء الحديدة بشكل رئيسي، إضافة إلى ميناءي رأس عيسى والصليف. وأسفرت الضربات عن تدمير محطة الطاقة في رأس عيسى ومحطتي تزويد بالوقود، كما أُبلغ عن إصابة سفينة “جالاكسي ليدر”. وفي الصليف، تم تدمير رصيف الميناء وغرفة المولدات، وتضررت سفينة “ASMAAZ” التي خرجت عن الخدمة بحسب التقارير. كما تسببت الهجمات في انقطاع الكهرباء في محافظة الحديدة نتيجة استهداف محطات الطاقة.
وتؤكد مصادر يمنية أن تكرار الضربات على الموانئ يهدف إلى تقويض قدرات الحوثيين ومنع دخول الأسلحة والمكونات الحيوية لأنشطتهم العسكرية، ما يحد من قدرتهم على إطلاق الصواريخ وتهديد الملاحة البحرية. وتقدر الخسائر الاقتصادية المباشرة في الموانئ المتضررة بنحو 531 مليون دولار، بالإضافة إلى خسائر غير مباشرة تصل إلى 856 مليون دولار بسبب تعطل العمليات، ليبلغ إجمالي الخسائر نحو 1.387 مليار دولار. كما انخفض حجم البضائع في ميناء الحديدة بنسبة 80%، ما يعكس حجم التأثير الاقتصادي الكبير على الحوثيين.
ورغم مزاعم الحوثيين بتكثيف هجماتهم، تشير مصادر غربية إلى تراجع عدد الهجمات وانخفاض فعالية الصواريخ، على الأرجح نتيجة تدمير البنية التحتية الحيوية وتوقف وصول السفن التي تحمل مواد لصناعة الصواريخ. ويرى مراقبون أن استمرار هذه الضربات قد يؤدي إلى إضعاف جماعة الحوثي بشكل كبير، وربما تقويض قدرتهم على الحكم والسيطرة في المناطق التي يسيطرون عليها.
وتخلص مصادر مطلعة إلى أن استمرار الحوثيين في تنفيذ أجندة إيران يهدد أمن واستقرار المنطقة، ويجعل من البحر الأحمر ساحة صراع إقليمي ودولي مفتوح، في ظل سعي طهران لاستخدام وكلائها لفرض أوراق ضغط جديدة على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة.