مايكروسوفت تحدث تحولاً في مجال الحوسبة الكمومية وتسعى جاهدة لحماية الذكاء الاصطناعي

إيلاف من سان فرانسيسكو: خرجت مايكروسوفت يوم الجمعة ٢٧ يونيو ٢٠٢٥ بإعلان تقني لا يشبه سواه: تقدّم فعلي في تشغيل معالج كمومي مستقر يُستخدم في أبحاث الذكاء الاصطناعي والتشفير، ما يضع العالم على عتبة عصر جديد يُعيد رسم معادلات الأمن السيبراني.
وبينما كانت الحوسبة الكمومية حتى وقت قريب حكرًا على التجارب النظرية أو المختبرات المحدودة، أعلنت مايكروسوفت عن ربط معالجاتها الكمومية عبر شبكة “Azure Quantum Elements”، مما يفتح المجال لاستخدام حقيقي في تطبيقات مثل التشفير وفكّ الشيفرات الجزيئية المعقّدة.
لكن ما هي الحوسبة الكمومية؟ ببساطة، إنها طريقة جديدة كليًا لمعالجة المعلومات. بينما تعتمد الحواسيب التقليدية على البتات (Bits)، “الوحدات الأساسية للمعلومات الرقمية”، التي تكون إما 0 أو 1، تعمل الحوسبة الكمومية باستخدام الكيوبتات (وحدات كمومية متعددة الاحتمالات)، التي يمكن أن تكون 0 و1 في الوقت نفسه بفضل ظاهرة تُعرف بـ”التراكب الكمومي” (Quantum Superposition). هذا يمنح الحواسيب الكمومية قدرة هائلة على معالجة كمٍّ ضخم من البيانات بسرعة غير مسبوقة.
تخيّل حاسوبًا يمكنه في دقائق فكّ شيفرات كانت تحتاج لآلاف السنين. هذا هو مصدر القلق الأكبر اليوم: أن يتمكّن هذا النوع من الحوسبة من كسر التشفير الكلاسيكي الذي تعتمد عليه البنوك، والحكومات، وشركات الأمن.
ولهذا السبب بدأت دول ومؤسسات بتطوير ما يُعرف بـ”تشفير ما بعد الكم”، وهي تقنيات تشفير جديدة مصمّمة لمقاومة قدرات الحواسيب الكمومية المستقبلية. لكن السباق مستمر، ومن يصل أولًا قد يُعيد تشكيل خريطة القوى الرقمية عالميًا.
في هذا السياق، يكتسب إعلان مايكروسوفت أهمية مزدوجة: فهو لا يمثل فقط قفزة علمية، بل يشعل سباقًا عالميًا جديدًا في مجال يُعدّ الأكثر حساسية في العصر الرقمي.
وفيما تراقب الأوساط التقنية هذا التقدم بشغف وحيطة، يبقى على المستخدمين والمؤسسات أن يدركوا أن مستقبل الأمن السيبراني لن يُبنى فقط على كلمات المرور أو أنظمة التحقق، بل على استباق الخطر ومواكبة كل ما هو “ما بعد تقليدي”.