الذكاء الاصطناعي يكتشف أسرار لغة الحيوانات!

إيلاف من سان فرانسيسكو: ربما ضحك كثيرون على فيديو الكلب “Mr Waffles” وهو يضغط زرًا يقول: “هذا كلام فارغ!” بعد أن رفضت صاحبته إعطاءه الطعام، لكن خلف هذه النكتة الرقمية واقع علمي مذهل: بعض الكلاب، بالفعل، تتعلم استخدام أزرار إلكترونية مبرمجة بكلمات، وتضغطها بطريقة تدل على فهمها لمحتواها، لا لمجرد صوتها.
هنا لا نتحدث عن خُدع تدريبية تقليدية، بل عن تجارب يقودها باحثون في جامعة كاليفورنيا سان دييغو تؤكد أن بعض الكلاب تفهم الكلمات وتربطها بمعاني واضحة، مثل “خارج” أو “لعب”، حتى لو قالها شخص غريب، أو لم تُقال صوتيًا إطلاقًا.
لكن الذكاء الاصطناعي لا يكتفي بمراقبة الكلاب. من أعماق البحار، بدأ العلماء منذ سنوات في استخدام تقنيات متقدمة لتحليل “صفارات” الدلافين، والتي تبيّن أنها ليست عشوائية أبدًا. هناك “صفارات توقيع” خاصة بكل دولفين، أشبه بالأسماء، تستخدمها الأمهات مثلًا عندما تنادي على أطفالها… بطريقة تشبه “لغة الأمومة” لدى البشر. الأكثر إثارة؟ هناك صفارات متكررة بين دلافين مختلفة، تشير إلى رسائل أو رموز اجتماعية لم تُفهم بالكامل بعد.
هنا يبدأ دور الذكاء الاصطناعي الحقيقي: عبر آلاف الساعات من التسجيلات الصوتية، بدأ الباحثون بتحليل الأنماط، تكرار الكلمات، التفاعل بعد كل صوت… تمامًا كما يفكّر المترجم الآلي حين يتعلّم لغة بشرية جديدة. وفي بعض المختبرات، تُستخدم تقنيات مشابهة لفك رموز نداءات الفيلة، وصيحات قرود المارموسيت، وحتى همسات الحيتان الحدباء.
الطموح؟ بناء قاعدة بيانات شاملة تُمكّن من بدء “حوار” حقيقي مع الحيوانات، يُستخدم فيه الذكاء الاصطناعي لفهم السياق، نغمة الصوت، وحتى الحالة العاطفية. وهذا يعني أننا نقترب من لحظة تاريخية: عندما لا ندرّب الحيوان على فهم لغتنا… بل نحاول نحن التحدث بلغته.
لكن خلف كل هذه الأبحاث والأدوات الذكية، هناك مشهد أكثر إنسانية… مشهد لصاحب حيوان ينحني مبتسمًا ليرد على زر “أحبك”، أو لباحثٍ يسهر الليالي على أمل أن يفهم “لغة من لا صوت له”.
ربما لن ننجح في ترجمة كل صيحة أو مواء، لكن يكفينا أن نحاول… أن ننصت، أن نحترم، أن نمنح الكائنات التي عاشت بيننا منذ الأزل، فرصة لتقول كلمتها، بلغتها هي.
فالفهم ليس مجرد علم… بل أحد أصدق أشكال الحب.