تحقيق “المدفوعات غير الشرعية” يكشف صمت Worldline المتعمد

تحقيق “المدفوعات غير الشرعية” يكشف صمت Worldline المتعمد

إيلاف من سان فرانسيسكو: في تطور مفاجئ هزّ قطاع التقنية المالية في أوروبا، خسرت شركة Worldline الفرنسية، إحدى أكبر مزوّدي خدمات الدفع الإلكتروني في القارة، أكثر من 500 مليون دولار من قيمتها السوقية خلال يوم واحد، بعد نشر تقارير صحفية أفادت بتسترها على عمليات احتيال قام بها بعض عملائها.

التحقيق، الذي أعدّته مجموعة European Investigative Collaborations ونشرته عدة وسائل إعلام أوروبية، كشف أن الشركة اختارت الاحتفاظ بعملاء مشبوهين على مدى سنوات، رغم تحذيرات داخلية، بسبب الإيرادات التي كانوا يحققونها. بل وذكرت التقارير أن بعض هؤلاء العملاء نُقلوا إلى أقسام أخرى داخل الشركة حين أصبحت نسبتهم مرتفعة في أحد الفروع، في محاولة واضحة لتوزيع الخطر بدل معالجته.

انخفض سهم الشركة المدرج في بورصة باريس بنسبة 38%، ما أدى إلى خسارة تقدر بـ 500 مليون يورو، أي ما يعادل نحو 580 مليون دولار أميركي. وبرغم ذلك، حاولت Worldline التخفيف من حدة الضربة عبر بيان رسمي قالت فيه إن “إدارة الشركة ملتزمة تمامًا بالامتثال للقوانين ومعايير منع المخاطر، وتتبنّى سياسة صفر تسامح مع المخالفات”.

الشركة أشارت كذلك إلى أنها راجعت ما يُعرف بمحفظة العملاء عالية الخطورة، التي تشمل أنشطة مثل الكازينوهات الإلكترونية وخدمات المواعدة، وأنها قطعت علاقاتها مع أي جهة لم تتوافق مع معايير المخاطر التجارية.

لكن كل ذلك لم يكن كافيًا لطمأنة المستثمرين أو تهدئة السوق. فمع انهيار القيمة السوقية، اهتزت ثقة المراقبين، خصوصًا أن التقارير تتحدث عن ممارسة مؤسسية منهجية، لا مجرد تجاوزات فردية.

وتعيد هذه الحادثة الجدل حول أخلاقيات الأعمال في عصر تسارع الإيرادات والتوسع الرقمي. فهل يمكن تبرير الصمت عن الاحتيال إذا كانت العائدات مرتفعة؟ وهل يكفي إصدار بيان رسمي لتجاوز أزمة تتعلق بالشفافية والثقة؟

ورغم حجم الصدمة التي أثارتها هذه الفضيحة في الإعلام الغربي، إلا أن انعكاساتها لم تُسلَّط عليها الأضواء بعد في المنصات العربية، ما يجعل هذا التقرير من بين أولى المحاولات لرصد الحدث وتحليله. كما يفتح المجال لنقاش طال انتظاره حول التوتر القائم بين اعتبارات الأخلاقيات المؤسسية ومتطلبات السوق الأوروبية، في زمن تتسارع فيه أدوات التقنية المالية وتتقلّص فيه الحدود بين الامتثال والمكسب.