بنك المغرب المركزي يثبت سعر الفائدة كما هو

بنك المغرب المركزي يثبت سعر الفائدة كما هو

إيلاف من الرباط: وجه بنك المغرب (المصرف المركزي) إشارات تحذيرية واضحة بشأن هشاشة الانتعاش الاقتصادي، رغم تحسن عدد من المؤشرات الظرفية، على رأسها تراجع معدلات التضخم وتسارع النمو، محذرًا من تغيرات المحيط الدولي، الذي ما زال ينطوي على مخاطر متصاعدة تهدد استدامة الدينامية الاقتصادية الوطنية.

وقرر مجلس بنك المغرب، في بيان له صدر الأربعاء بالرباط عقب اجتماعه الفصلي الثاني لهذا العام، الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي من دون تغيير عند مستوى 2.25%، مشددًا على أن هذا القرار يأخذ في الاعتبار تباطؤ التضخم، وثبات التوقعات، واستمرار انتعاش الاقتصاد غير الفلاحي، لكنه يعكس في المقابل حذرًا إزاء الشكوك الجيوسياسية والتجارية التي تلقي بثقلها على آفاق الاقتصادين الوطني والعالمي.

الاقتصاد المغربي لم يتجاوز مرحلة الخطر
سجّل التضخم في المغرب تراجعًا ملموسًا، منتقلاً من معدل 2% في بداية السنة إلى 0.4% فقط خلال شهر مايو الماضي، بفعل انخفاض أسعار المواد الغذائية، خاصة اللحوم الطرية. ومع ذلك، حذر البنك من أن هذه الأرقام الإيجابية تبقى محاطة بشكوك قوية، تتعلق بتطور الأوضاع الجيوسياسية الدولية، والتغيرات المناخية التي قد تؤثر على العرض الفلاحي.

ويتوقع بنك المغرب أن يسجل معدل التضخم 1% خلال 2025، قبل أن يرتفع تدريجيًا إلى 1.8% في 2026، وهي نسب تعتبر ضمن المستويات المستهدفة، لكنها قابلة للارتفاع إذا تفاقمت التوترات الدولية أو شهدت أسعار المواد الأولية ارتفاعًا غير متوقع.

الفلاحة وكأس العالم يسرعان وتيرة التنمية
على مستوى النمو، توقع البنك المركزي أن يشهد الاقتصاد المغربي تسارعًا خلال هذا العام، ليبلغ 4.6%، مدفوعًا بانتعاش القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 5%، في ظل محصول حبوب يُقدر بـ44 مليون قنطار. كما ساهمت مشاريع البنية التحتية المرتبطة بتحضيرات المغرب لاحتضان نهائيات كأس العالم 2030، في تحفيز دينامية الاستثمار ورفع وتيرة الأنشطة غير الفلاحية.

ويُرجّح أن يستمر هذا النمو خلال السنوات المقبلة، مع بلوغ نسبة النمو 4.4% في أفق 2026، في حال استمرار الاستقرار الداخلي وتحسن البيئة الإقليمية.

آفاق واعدة للائتمان
أظهر البنك المركزي أن أسعار الفائدة المطبقة على القروض البنكية واصلت منحاها التنازلي، متراجعة بـ45 نقطة أساس منذ يونيو 2024، وهو ما عكس انتقالًا تدريجيًا لقرارات التيسير النقدي نحو دعم الاقتصاد.

ومن المتوقع، بحسب تقديرات بنك المغرب، أن يشهد الائتمان البنكي الموجه للقطاع غير المالي نموًا يفوق 6% خلال سنتي 2025 و2026، بعد سنوات من التباطؤ، خصوصًا لفائدة المقاولات الصغيرة والمتوسطة.

حسابات خارجية متوازنة رغم الظرفية
ورغم استمرار العجز التجاري، توقّع بنك المغرب أن يظل عجز الحساب الجاري محدودًا عند 2% من الناتج الداخلي، بفضل ارتفاع صادرات الفوسفات ومشتقاته، وتحسن مداخيل الأسفار، إضافة إلى انتعاش متوقع لتحويلات الجالية المغربية بالخارج.

وفي الاتجاه نفسه، يُنتظر أن ترتفع الأصول الاحتياطية الرسمية إلى 423.7 مليار درهم (حوالي 42.3 مليار دولار) مع نهاية 2026، وهو ما يغطي حوالي خمسة أشهر ونصف شهر من واردات السلع والخدمات، ويمنح المغرب هامش أمان نقدي في مواجهة الصدمات الخارجية.

عجز مالي تحت السيطرة
على صعيد المالية العمومية المغربية، أشار البنك المركزي إلى استمرار تحسن المداخيل العادية بنسبة 17% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، مقابل ارتفاع في النفقات الإجمالية بنسبة 23.6%، نتيجة ارتفاع نفقات التسيير والاستثمار.
ورغم ذلك، يُتوقع أن يستقر العجز المالي عند 3.9% في 2025، قبل أن يتراجع إلى 3.4% في 2026.

المخاطر العالمية تفرض الحذر
وضع مجلس بنك المغرب تطورات السياق الدولي في صلب تحليله، مؤكدًا أن تباطؤ النمو العالمي، وتغير السياسات التجارية للولايات المتحدة، والحرب المستمرة في أوكرانيا وغزة، جميعها تمثل مصادر قلق يُفترض التعامل معها بسياسات مرنة واستباقية.

ويتوقع أن يتراجع النمو العالمي من 3.2% في 2024 إلى 2.8% في 2025، مع تباين في أداء المناطق الجغرافية، حيث يتجه الاقتصاد الأميركي إلى تسجيل تباطؤ في النمو، مقابل صعود مرتقب للهند وبعض الدول الآسيوية الناشئة.

سياسة نقدية مرنة
من جهة أخرى، ذكر مجلس بنك المغرب أنه سيواصل تتبع الوضع الاقتصادي والمالي على المستويين الوطني والدولي، مع الحفاظ على سياسة نقدية مرنة، قائمة على أحدث المعطيات المتاحة. كما شدد على أولوية دعم المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة، من خلال تبسيط شروط الولوج إلى التمويل وتوسيع آليات الضمان والمواكبة.