الصراع مع إسرائيل يؤثر سلبًا على اقتصاد إيران ويوقف صادراتها النفطية

الصراع مع إسرائيل يؤثر سلبًا على اقتصاد إيران ويوقف صادراتها النفطية

ايلاف من لندن: اندلعت خلال الأيام الأخيرة حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل، تخللتها ضربات عسكرية متبادلة واستخدام مكثف للقوة، حيث أكدت مصادر مطلعة أن إسرائيل استهدفت مواقع نووية وأخرى استراتيجية في العاصمة الإيرانية طهران. وأشارت هذه المصادر إلى أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الإيرانية جسيمة، وأن تكلفة إعادة الإعمار تتزايد مع استمرار العمليات العسكرية.

أزمة اقتصادية متفاقمة قبل الحرب
بحسب خبراء اقتصاد تحدثوا لوسائل إعلام دولية، كانت إيران تعاني أصلاً من أزمة اقتصادية خانقة قبل اندلاع الحرب، تمثلت في ارتفاع معدل التضخم إلى نحو 40%، وتدهور الريال الإيراني، وارتفاع معدلات البطالة، وغلاء أسعار المواد الغذائية. وتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير صدر في أبريل 2025 أن لا تتجاوز نسبة النمو الاقتصادي 0.3%، في مؤشر على انهيار النمو المستقبلي للبلاد.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن معدل البطالة العام يبلغ 8%، بينما تصل النسبة بين الشباب إلى 20%، مع تراجع حاد في توظيف النساء الشابات إلى 65%. ويتوقع خبراء اقتصاديون أن هذه الأرقام ستواصل الارتفاع مع تصاعد الأزمة.

انهيار الريال وفقدان الثقة بالعملة المحلية
مع بداية الحرب، سجل الريال الإيراني انهيارًا تاريخيًا، حيث بلغ سعر الصرف نحو 940,000 ريال مقابل الدولار، وتجاوز في بعض الأسواق حاجز المليون ريال للدولار، مقارنة بـ610,000 ريال فقط في يوليو 2024. ويشير خبير اقتصادي إيراني إلى أن “فقدان الثقة بالعملة المحلية أصبح واضحًا مع اتساع الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الفعلي في السوق السوداء”.

شلل اقتصادي ومعاناة يومية للمواطنين
تؤكد تقارير ميدانية أن الأضرار الاقتصادية انعكست مباشرة على حياة الإيرانيين، حيث يعجز الكثيرون عن الوصول إلى أماكن عملهم بسبب الازدحامات المرورية والخوف من الخروج من المنازل، بالإضافة إلى إغلاق العديد من أماكن العمل غير الأساسية. ويخسر المواطنون دخولهم نتيجة التغيب عن العمل، في ظل تفاقم الفقر.

كما أدت الحرب إلى نزوح أعداد كبيرة من سكان طهران، وظهور طوابير طويلة في محطات الوقود والمتاجر، وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف. وأشار أحد المواطنين إلى أن “سعر الحليب ارتفع بنسبة 20%، وأصبح الحصول عليه شبه مستحيل”.

توقف صادرات النفط وأضرار هائلة في قطاع الطاقة
ورغم أن إسرائيل لم تستهدف بشكل مباشر مصادر الطاقة الإيرانية، إلا أن صادرات النفط الإيرانية توقفت فعليًا، حيث كانت إيران تنتج 3.4 مليون برميل نفط يوميًا و1.3 مليون برميل من الغاز الطبيعي السائل، معظمها يصدر من ميناء خارك. وتفيد تقارير اقتصادية بأن الصادرات انخفضت إلى 100,000 برميل يوميًا فقط خلال الأسبوع الأخير.

كما تسببت هجمات على منشآت الغاز في محافظة بوشهر بخسائر تقدر بين 200 إلى 600 مليون دولار، وتوقف نحو 2.35% من إنتاج الغاز لمدة ثلاثة أشهر. وأدت ضربات أخرى لمخازن الوقود الاستراتيجية في طهران إلى خسائر مباشرة تتراوح بين 40 و80 مليون دولار، إلى جانب أضرار واسعة في البنية التحتية وارتفاع هائل في تكاليف إعادة الإعمار.

تحذيرات دولية: مستقبل قاتم للاقتصاد الإيراني
حذر البنك الدولي في تقرير حديث من أن استمرار الحرب مع إسرائيل سيكون مدمرًا للاقتصاد الإيراني، إذ ستؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وتراجع الاستثمارات، وتدهور قطاع السيارات، وتآكل قيمة العملة، وانهيار القطاع الصناعي. ويؤكد التقرير أن الدخل الحقيقي للفرد ومستوى المعيشة في إيران عام 2024 أقل مما كان عليه في 2014، مع اتساع الفجوة مع الدول النامية الأخرى.

ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن حتى نزاع عسكري قصير مع إسرائيل سيكلف الإيرانيين ثمنًا باهظًا، وقد يؤدي استمرار الحرب إلى فقدان أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي وتراجع كبير في جودة حياة المواطنين.

تأثيرات طويلة الأمد وتحويل الميزانية للإنفاق العسكري
يحذر اقتصاديون من البنك الدولي، من بينهم خبراء من أصول إيرانية، من أن الحرب ستلحق أضرارًا طويلة الأمد برأس المال البشري والبنية التحتية، مع توقعات بتسارع التضخم ليصل إلى 60% سنويًا، وانخفاض صادرات النفط إلى الثلث، مما سيعمق العجز في الميزانية العامة البالغ حاليًا نحو 6.5% من الناتج المحلي. ويرجح الخبراء أن تلجأ الحكومة الإيرانية إلى تحويل جزء كبير من الميزانية إلى الإنفاق العسكري والأمني على حساب الخدمات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية.

دعوات لوقف الحرب وتحميل النظام المسؤولية
خلص التقرير إلى أن النظام الإيراني يتحمل مسؤولية هذه الأضرار، حيث تجاهل تحذيرات دولية عديدة ولم يغير من سياساته، ما أدى إلى اندلاع الحرب مع إسرائيل. ويؤكد خبراء الاقتصاد أن استمرار الحرب سيعمق الأزمة الاقتصادية، وأن على النظام الإيراني وقف التصعيد إذا كان يرغب في إنقاذ ما تبقى من اقتصاد البلاد وإتاحة الفرصة لإعادة الإعمار في أسرع وقت ممكن.