نحتفظ بحق الرد الفوري على إيران بعد استهداف قاعدة العديد

إيلاف من الدوحة: أدانت دولة قطر، مساء الإثنين، بأشد العبارات الهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة العديد الجوية الواقعة جنوب غربي الدوحة، واعتبرته “انتهاكًا صارخًا لسيادة الدولة ومجالها الجوي، ومخالفةً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”، مؤكدة احتفاظها بـ”حق الرد بما يتناسب مع طبيعة وحجم هذا الاعتداء السافر، وبما يتوافق مع القانون الدولي”.
وجاء ذلك في بيان رسمي أصدرته وزارة الخارجية القطرية بعد تنفيذ إيران لعملية عسكرية قالت إنها جاءت “ردًا على الضربات الأميركية الأخيرة التي استهدفت أراضيها”، معلنةً إطلاق عملية عسكرية باسم “بشائر الفتح” استهدفت خلالها قواعد أميركية في كل من قطر والعراق.
وقالت الخارجية القطرية إن “الدفاعات الجوية نجحت في اعتراض الصواريخ الإيرانية، دون أن تسفر عن أي إصابات أو خسائر بشرية”، مشيرة إلى أن “القاعدة كانت قد أُخليت مسبقًا وفقًا للإجراءات الأمنية والاحترازية المتبعة، في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة”. وأكدت الوزارة “اتخاذ كل التدابير اللازمة لضمان سلامة عناصر القوات المسلحة القطرية والقوات الصديقة”، مضيفة أن “وزارة الدفاع ستصدر بيانًا توضيحيًا لاحقًا بشأن تفاصيل الهجوم”.
وأوضحت الوزارة في بيانها أن “استمرار مثل هذه الأعمال التصعيدية يقوّض الأمن والاستقرار في المنطقة، وقد يجرّها إلى سيناريوهات كارثية تهدد الأمن والسلم الدوليين”، داعية إلى “الوقف الفوري لكافة العمليات العسكرية والعودة الجادة إلى طاولة المفاوضات والحوار”. وشددت على أن “الدوحة كانت من أوائل الدول التي نبهت إلى خطورة التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، وضرورة تغليب الحلول الدبلوماسية ومبدأ حسن الجوار”، مضيفة أن “الحوار هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمات والحفاظ على أمن المنطقة وسلام شعوبها”.
وفي وقت سابق من اليوم، كانت السلطات القطرية قد أعلنت إغلاق المجال الجوي بشكل مؤقت، وهو ما أثار تساؤلات، إلا أن وزارة الخارجية أكدت أن هذا الإجراء “يأتي ضمن احتياطات أمنية، ولا يعكس وجود تهديد مباشر لأمن البلاد أو سلامة السكان”. وتم على إثر ذلك تحويل الرحلات الجوية المتجهة إلى مطار حمد الدولي إلى مطارات بديلة، دون الإعلان عن تفاصيل إضافية.
وصرّح الدكتور ماجد الأنصاري، مستشار رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري، بأن “تحذيرات السفارات لرعاياها في قطر، مثل إرشادات السفر من بعض الدول، تأتي في إطار السياسات العامة وتحديثات الأوضاع الأمنية في مختلف دول العالم، ولا تعكس بالضرورة وجود تهديدات محددة”. وأضاف أن “الوضع الأمني في قطر مستقر، وأن الجهات المعنية تتابع الوضع عن كثب”، مؤكدًا أن “أي إجراءات طارئة ستُتخذ فورًا لضمان أمن المواطنين والمقيمين والزوار”، وشدد على “ضرورة استقاء المعلومات من المصادر الرسمية فقط”.
من جهتها، أعلنت إيران عبر التلفزيون الرسمي أن قواتها المسلحة “شرعت في تنفيذ رد قوي على العدوان الأميركي”، ضمن عملية حملت اسم “بشائر الفتح”. وقال البيان إن “الضربات شملت قاعدة العديد الجوية في قطر إلى جانب قواعد أميركية داخل العراق”.
وذكرت تقارير إعلامية، بينها منشورات على منصة “إكس”، أن “إيران أطلقت ستة صواريخ باتجاه قاعدة العديد الجوية في قطر”، في تصعيد خطير للتوتر بين طهران وواشنطن.
وأفاد شهود عيان بأن “سكان مناطق مثل الوكرة والريان والمسيلة ومعيذر وسلوى والسيلية شعروا بهزات ناجمة عن انفجارات قوية، تزامنت مع تحليق طائرات ومسيرات في الأجواء”، فيما أفادت مراسلة “القاهرة الإخبارية” أن صفارات إنذار دوت في مناطق متعددة من البحرين.
في موازاة ذلك، أعلنت الإمارات إغلاق مجالها الجوي احترازياً، ودعت السلطات البحرينية مواطنيها إلى التوجه إلى أقرب مكان آمن تحسباً لأي تطورات.
وفي تحرك دبلوماسي عاجل، أجرى أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تناول خلاله آخر المستجدات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الهجمات الأخيرة على إيران واستهداف منشآتها النووية. كما تلقى الشيخ تميم اتصالاً من رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لبحث التطورات الأمنية في المنطقة وسبل العودة إلى الحوار السياسي لحل القضايا العالقة.
من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية البريطانية تحذيرًا لرعاياها في قطر، دعتهم فيه إلى “البقاء في أماكنهم كإجراء احترازي”، في حين أصدرت السفارة الأميركية في الدوحة تحذيرًا مشابهًا، طالبةً من المواطنين الأميركيين “البقاء في أماكن آمنة حتى إشعار آخر”.
وتُعد قاعدة العديد واحدة من أكبر المنشآت العسكرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، وتأتي هذه التطورات بعد تصعيد متواصل منذ 13 حزيران (يونيو)، حيث استهدفت إسرائيل منشآت نووية إيرانية وقادة عسكريين، لترد طهران بهجمات على أهداف إسرائيلية، قبل أن تتدخل واشنطن عبر ضرب منشآت إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، ما زاد من تعقيد المشهد الإقليمي.