صيف المنطقة يتأجج بالنيران

صيف المنطقة يتأجج بالنيران

حسن اليمني

تظهر بعض الأنباء التي تزعم أن إيران ترغب في وقف المواجهة لمنح إمكانية للعودة للجهود الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية غير أن ذلك لا يبدو منطقيا بحكم أنه لا يحقق أي من أهداف الهجوم الإسرائيلي على إيران، وبنفس الوقت يبدو صعبا على إيران قبوله مع استمرار المواجهة العسكرية، لذلك الأمر مرشح لمزيد من الأيام الساخنة بل الأسابيع وربما الشهور.

دعم الباكستان والصين لإيران يقابل دعم بريطانيا وأمريكا لإسرائيل، وان ليس بالنسب المتساوية ولكن التهديد الباكستاني بالرد على استخدام إسرائيل للسلاح النووي يجعل المواجهة بكل سخونتها تحت السقف النووي، أما بالنسبة للكم المتوفر من السلاح فيعتمد على المدة الزمنية وكل ما طالت قل الكم في كلا الطرفين بما يستدعي الدعم والاسناد وهو في الجانب الإسرائيلي متوفر من قبل بريطانيا وأمريكا ولكنه سيخضع لشروط وتدخل في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في حين انه بالنسبة لإيران يبدو أنه ممكن عبر المنافذ البرية ونسمع بمحاولات دعم لكن سماء إيران أصبحت مكشوفة، وإن لم يمنع ذلك من احتمال وصول بعض الدعم، الحدث الأهم حين تظهر الأنباء عن وصول أنظمة الدفاع الصينية HQ19 فان موازين المواجهة ستتغير بشكل كبير لصالح إيران ذات النفس والصبر والقدرة على التحمل الطويل في حين لا يتوفر ذلك للكيان المحتل.

وبعيداً عن الصخب والتهويل الإعلامي فإن استمرار المواجهة لفترة طويلة يعتبر لصالح إيران وقاسيا جدا على إسرائيل، ولهذا يستعجل الرئيس ترامب عودة إيران للمفوضات لحفظ النصر لإسرائيل التي بدأت تئن وتتوجع، في حين أن انهاء المواجهة العسكرية بعد أيام من نشوبها يمثل هزيمة لإيران ومشكلة داخلية ضاغطة بدل من التحمل والصبر والدعوة لصناعة القنابل النووية الصاعدة من غضب الشعب الإيراني في مواجهة ما يعيشونه من غطرسة إسرائيلية، الخطأ الاستراتيجي العسكري الإسرائيلي كان في خيار المواجهة «العنترية» بدل من استثمار الوجود للعملاء والجواسيس والخونة مع ورش تركيب الطائرات المسيرة والمتفجرات – تصنيع وتركيب وتفجير – والذي لو استمر أيام قليلة قبل الهجوم لأنتج حالة من الفوضى وتحقيق مزيد من النجاح في الوصول الى تحقيق الأهداف الإسرائيلية بتغير قواعد الاشتباك.

إن حالة التدمير الحاصلة اليوم بين الطرفين برغم انها مأساوية وقاسية على كليهما إلا أنها أكثر وأعمق ضد الكيان المحتل الذي لا يحتمل الحروب الطويلة ولا العيش في رعب زمجرة السلاح، وعلى كل حال، فإن النتيجة النهائية هي بين الصين وأمريكا أو لنقل بين الشرق والغرب، وكلما طال أمد الحرب زادت نسبة التدخل الخارجي وكلما تعمق التدخل الأجنبي زادت المخاطر على دول المنطقة وربما العالم كله، وهنا تكمن خطورة ما قامت به إسرائيل فجر يوم الجمعة، فالواضح انها غير قادرة على تحقيق أي من الهدفين المعلن عنها للحرب حتى مع الدعم البريطاني والأمريكي، وبذات الوقت لا ينتظر من إيران رفع راية الاستسلام والتخلي عن الصناعة النووية على طاولة المفاوضات التي يستميت الغرب في استجدائها من إيران اليوم.

أثناء كتابة هذه السطور أعلن ترامب أن (على الجميع اخلاء طهران فورا) وحين يعلن ترامب مثل هذا الإعلان فإن الأمر يعني أن لا قدرة على تحمل إسرائيل على استمرار هذه المواجهة ولابد من إنهائها فوراً وإلا فإن التدخل الأمريكي أصبح قريبا بكل قوة سواء بشكل مباشر وهو أمر ضعيف أو من خلال تزويد إسرائيل بسلاح نوعي ذي تدمير واسع، وهو أي هذا الإعلان طلب استسلام لا يحتمل قبوله من قبل إيران ولكنه قفزة كبيرة في التصعيد في المواجهة خطير للغاية.

إن هذا الإعلان من قبل الرئيس الأمريكي يعني أن على إيران الاستسلام والاستسلام فقط ولا خيار آخر، وأن الصبر قد نفد ولا يمكن للكيان المحتل تحمل استمرار هذه المواجهة بالندية الحالية، أو بشكل آخر أن الايذاء الإيراني لإسرائيل قد بلغ مداه في الخطورة على الكيان المحتل، لكن هذا يعطي دفعة قوية لإيران على التصميم في مزيد من الايذاء أما الاستسلام فهو أمر غير وارد من قبل إيران، وهو ليس كأس السم الذي تجرعه الخميني في مواجهة عراق صدام حسين بل إنه يعني نهاية عهد وعصر في إيران وولادة إيران جديدة أو ربما «إيرانيات» متعددة، ودخول الولايات المتحدة الأمريكية للحرب بشكل مباشر سيعرض قواعدها في المنطقة للخطر وسيشل الاقتصاد العالمي بما يحقق أعلى درجات المنفعة لروسيا ويقويها اقتصاديا بقدر ما يضعف أمريكا والغرب عموما، فالمحتمل إذن هجوم إسرائيلي غير عادي سيقابله رد عنيف وغير عادي وفي النهاية صعود في ذروة الخطر.