تخفيف التوترات والصراعات في المنطقة

طوال العقود الأربعة الماضية، واجهت المنطقة حروباً ونزاعات مختلفة تركت آثاراً وتداعيات سلبية على شعوبها، وحتى إن بعضاً من هذه الآثار والتداعيات السلبية تتطلب أعواماً طويلة لمعالجتها وجعلها طيّ النسيان، والحقيقة التي لا يمكن لأحد إنكارها هي أن كل ذلك قد حدث بعد تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية المستند إلى نظرية ولاية الفقيه المتطرفة.
سلسلة الحروب والمواجهات والنزاعات المدمرة التي جرت في المنطقة بسبب من الأبعاد الآيديولوجية المصطنعة لنظرية ولاية الفقيه، والتي يحاول النظام استنساخها وفرضها قسراً على بلدان المنطقة، هذه الحروب، ومع الأخذ بنظر الاعتبار المحاولات الكثيرة التي تم بذلها من أجل الحد من غلوائها وحتى اللجوء إلى الحوار والتفاهم مع النظام الإيراني من أجل وضع حد لها، لكن ذلك لم ينفع، لأن هذا النظام، وكما هو معروف عنه، يقول على طاولة التفاوض وفي تصريحاته الرسمية شيئاً، لكنه يقوم بما يخالفه في الواقع.
لم تتمكن المساعي الإيجابية في المجال الدبلوماسي وكذلك التواصل مع النظام الإيراني من قبل دول المنطقة، ولا حتى من قبل المجتمع الدولي، من إنهاء اندلاع الحروب المفتعلة، بل والأخطر من ذلك أنه، ومع مرور الأعوام، صارت الحروب أشد ضراوة وأكثر دماراً وتهديداً للأمن والسلام في المنطقة والعالم. ولكن من المستحيل التصور ببراءة دور النظام الإيراني في إثارته لهذه الحروب وفي جعلها أشد خطورة مع التقادم الزمني.
بعد سلسلة الحروب التي جرت في المنطقة وانتهت بسقوط النظام السوري وبتحجيم الدور العسكري لحزب الله اللبناني، فقد اندلعت المواجهة الأخيرة بين إسرائيل والنظام الإيراني على خلفية برنامجه النووي، وهي مواجهة خطيرة من نوعها، وحتى من الممكن أن تضع المنطقة على شفا هاوية سحيقة. ومهما قيل وكُتب من وجهات نظر وتحليلات عن هذه المواجهة وعن الأسباب الكامنة وراءها، فإن العامل الأهم والرئيسي من ورائها هو سياسات النظام الإيراني ومخططاته ونهجه المشبوه الذي لا يمكن أن يتخلى عنه. وبافتراض أن هذه المواجهة انتهت، فإنه ليس هناك من ضامن لعدم اندلاع حرب أخرى طالما أن هذا النظام باقٍ وطالما هو مصرّ على التمسك بنهجه وعدم التخلي عنه.
إنَّ أي اتفاقات مع هذا النظام، بما فيه الاتفاق النووي، لا يمكنه ولن يمكنه من نزع الطابع العدواني الذي يتسم به، وهو يلجأ إلى التزام الصمت وحتى الظهور بمظهر الوداعة والبراءة عندما يكون موقفه ووضعه ضعيفاً، لكنه، وعندما يشعر بالقوة ويجد الظروف والأوضاع المناسبة له، فإنه يعود إلى ما عهدته المنطقة والعالم عليه. ولا يمكن للمنطقة وللعالم أن يأمنا من شر هذا النظام إلا بدعم وتأييد النضال المشروع الذي يخوضه الشعب الإيراني من أجل الحرية والتغيير، ومجيء نظام يؤمن بمبادئ حقوق الإنسان وبالتعايش السلمي وبإيران غير نووية وتفصل الدين عن السياسة.
من أجل تحقيق هذا الهدف، توجد مقاومة منظمة في جميع أبعادها، قادرة على إقامة الديمقراطية في إيران بعد سقوط الملالي الحاكمين. تقود هذه المقاومة مريم رجوي، وقد طرحت رؤية واضحة لمستقبل إيران الحرة في خطة مكونة من عشرة بنود.
وقد حظيت هذه الخطة بتأييد ودعم أكثر من 4000 برلماني على ضفتي الأطلسي، وآلاف الشخصيات البارزة في السياسة والقانون والعلوم، بمن فيهم عدد من الحاصلين على جائزة نوبل.
وفي أحدث نشاط لها، شاركت رجوي في 18 حزيران (يونيو) في اجتماع البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، تحت عنوان: “ما هي المسألة الرئيسية في إيران؟”، وقالت في جزء من كلمتها: “… الحرب التي بدأت فجر يوم الجمعة 13 حزيران (يونيو) تشكل بداية مرحلة خطيرة في أوضاع إيران وتطورات المنطقة. لكن يجب أن أؤكد أن الحرب الحقيقية التي بدأت قبل ٤٤ عاماً، تحديداً منذ 20 حزيران (يونيو)1981، هي حرب الشعب والمقاومة الإيرانية ضد حكم الفاشية الدينية، وإن الحل هو إسقاط هذا النظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية”.
وأضافت: “قبل 21 عاماً، قلت في هذا البرلمان إن حل أزمة إيران لا يكمن في المساومة ولا في الحرب، بل في الحل الثالث، أي تغيير النظام من خلال الشعب والمقاومة المنظمة. وذكّرت آنذاك بأن ‘سياسة الاسترضاء والمساومة تشجع نظام الملالي على مواصلة سياساته، وفي نهاية المطاف تفرض الحرب على الدول الغربية’. وقلت: ‘لا تدعوا تجربة ميونيخ تتكرر مع الملالي المسلحين بالقنبلة النووية’. واليوم نرى أنَّ المساومة مع النظام فرضت الحرب. وأؤكد اليوم أيضاً أن تحقيق السلام والأمن المستدام في هذه المنطقة من العالم يتطلب تغيير النظام في إيران على يد الشعب والمقاومة الإيرانية…”.