شريحة ضوئية متطورة تُحدث ثورة في تقنيات التصوير الداخلي للجسم

إيلاف من سان فرانسيسكو: تخيّل أن كاميرا بحجم حبّة ملح تستطيع أن ترى داخل جسمك بدقّة تفوق الكاميرات الطبية المعتادة! هذه ليست رواية خيال علمي، بل ابتكار حقيقي انطلق من مختبرات جامعتَي باركلي وكامبريدج، حيث يعمل باحثون منذ فبراير 2025 على تطوير شريحة ذكاء ضوئي توضع على طرف الألياف البصرية وتُستخدم في التصوير الطبي.
الفكرة تقوم على استخدام “شبكة عصبية ضوئية”، أو ما يُعرف بـ diffractive neural network، بدلًا من المعالجات الكهربائية المعروفة. بمجرد مرور الضوء داخل الجسم، تقوم الشريحة بتحليل ما تراه، وتُنتج صورة دقيقة وفورية، دون الحاجة لأي شحن أو بطاريات.
لكن لماذا كل هذه الضجة؟ لأن التقنية الجديدة تجمع بين ثلاث مزايا مهمة: الحجم الصغير، الكفاءة العالية، وانخفاض التكلفة. بالمقارنة مع الكاميرات الطبية التقليدية، التي تحتاج إلى أنظمة ضخمة وأجهزة مرافقة ومصدر طاقة، هذه الشريحة لا تحتاج إلا إلى ألياف رفيعة وشعاع ضوء، ما يجعلها مثالية للبيئات ذات الموارد المحدودة أو أجهزة الفحص المحمولة.
الأثر الإيجابي لا يقتصر على تقليل التكاليف فقط، بل يفتح الباب أمام استخدامات طبية جديدة مثل رصد مبكر لأورام صغيرة، تصوير مناطق دقيقة في الدماغ، أو حتى تتبّع التغييرات في الأوعية الدموية أثناء العمليات الجراحية.
المثير أيضًا أن هذه الشريحة لا تستهلك طاقة كهربائية، بل تعتمد على خصائص الضوء نفسه في إجراء الحسابات. هذا التوجّه نحو ما يُعرف بالحوسبة الضوئية أو photonic AI يعد مستقبلًا واعدًا في الذكاء الاصطناعي الطبي، وبدأت فرق بحثية حول العالم تتسابق على تطويره.
نحن أمام نقطة تحوّل لا تعني فقط دقة أعلى أو أجهزة أصغر، بل إعادة تعريف كاملة لكيف نرى أجسادنا من الداخل، وكيف يمكن للضوء أن يصبح طبيبًا صامتًا يحمل لك التشخيص دون جراحة أو ألم.