إيران لم تقرر تصنيع سلاح نووي

إيران لم تقرر تصنيع سلاح نووي

إيلاف من واشنطن: رغم تصاعد التوترات العسكرية والتهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، لا تزال وكالات الاستخبارات الأميركية تعتقد أن إيران لم تتخذ قرارًا نهائيًا بالشروع في تصنيع سلاح نووي، وذلك على الرغم من امتلاكها مخزونًا كبيرًا من اليورانيوم المخصب بدرجة تقترب من مستويات الاستخدام العسكري.

ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين استخباراتيين أميركيين تأكيدهم أن التقييمات بشأن نوايا إيران لم تتغير منذ مارس الماضي، حتى في ظل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على منشآت نووية إيرانية. ويرى هؤلاء المسؤولون أن إيران ما زالت تتبع سياسة “العتبة النووية”، أي امتلاك القدرة التقنية والمواد اللازمة دون اتخاذ القرار السياسي النهائي بتصنيع القنبلة.
ومع ذلك، يحذر مسؤولو الاستخبارات من احتمال أن تدفع هجمات أمريكية أو اغتيالات تطال القيادة الإيرانية، وعلى رأسها المرشد الأعلى علي خامنئي، طهران إلى تغيير استراتيجيتها. وأشار أحدهم إلى أن أي هجوم يستهدف منشأة “فوردو” لتخصيب اليورانيوم قد يكون حافزًا مباشرا نحو اتخاذ قرار التسليح.

وتشير التقديرات الأمريكية، وفق RT، إلى أن إيران تستطيع الوصول إلى مستوى تخصيب بنسبة 90% اللازم لإنتاج قنبلة خلال أسابيع قليلة إذا قررت ذلك، لكن العملية الكاملة لتصنيع رأس نووي وإدماجه في منظومة صاروخية تبقى أكثر تعقيدًا، وتتطلب أشهرًا إضافية.

بين الواقع والمخاوف
في إفادة صحفية حديثة، قالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن إيران تملك اليوم كل المواد والمكونات الضرورية لصنع سلاح نووي، ولا ينقصها سوى “القرار السياسي”، محذرة من أن تنفيذ القرار يمكن أن يتيح لطهران استكمال تصنيع السلاح في غضون أسابيع.
ورغم هذه التصريحات، أفاد مسؤولون أمريكيون أن التقدير الاستخباراتي الأمريكي لا يستند إلى معلومات جديدة بل إلى تحليل مستمر للمعطيات القائمة، مشيرين إلى أن الموساد الإسرائيلي يعتقد أن إيران قد تنتج قنبلة خلال 15 يومًا، وهي تقديرات يعتبرها بعض الخبراء في واشنطن “مبالغًا فيها”.
وفي السياق نفسه، أوضح قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا خلال شهادته أمام الكونغرس في 10 يونيو أن مخزون إيران الحالي من اليورانيوم المخصب، إلى جانب أجهزة الطرد المركزي المتوفرة لديها، قد يمكنها من إنتاج مواد انشطارية تكفي لصنع عشر قنابل خلال ثلاثة أسابيع، إذا اتخذت قرار التصعيد.

البنية التقنية جاهزة… والنية غائبة
وبحسب ما نقلته RT عن مسؤولين استخباراتيين، فإن الفتوى التي أصدرها المرشد الإيراني علي خامنئي عام 2003 والتي تحظر تطوير الأسلحة النووية لا تزال قائمة، وتشكل – على الأقل علنًا – أحد العوامل المانعة لصنع القنبلة.
لكن خبراء يؤكدون أن امتلاك إيران لهذا المستوى من التخصيب (60%) يمكّنها من تسريع خطوات التصنيع إذا أرادت. ويشدد مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية على أن مجرد امتلاك المواد لا يعني التوجه نحو التصنيع، حيث أن تصنيع الرأس النووي وتصغيره ليتم تحميله على صاروخ باليستي يمثلان تحديًا إضافيًا.
ويحذر بعض الخبراء من أن إيران قد تلجأ في حال اندلاع حرب مفتوحة إلى صنع “سلاح نووي بدائي” يشبه القنبلة التي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما، من حيث الحجم والوزن، رغم محدودية قدرته على الاستخدام الصاروخي.

تسييس الملف النووي
وبينما يرى البعض أن التقديرات الإسرائيلية قد تكون جزءًا من حملة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لحشد دعم أمريكي لضرب إيران، لا تزال المواقف داخل الإدارة الأمريكية منقسمة بشأن المدى الزمني والواقعي الذي يفصل إيران عن صنع القنبلة، بحسب نيويورك تايمز.
وقد أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب سيحسم خلال الأسبوعين المقبلين قراره بشأن توجيه ضربة استباقية ضد منشأة فوردو النووية، في وقت تحذر فيه إيران من أن أي تدخل عسكري أمريكي سيفتح باب التصعيد على مصراعيه، مع تهديدات مباشرة باستهداف القواعد الأمريكية في الخليج، وفق ما ذكرته RT سابقًا.