إيران تسعى للهيمنة على مضيق هرمز والبحر الأحمر

إيلاف من لندن: في السنوات الأخيرة، تزايد إدراك إيران لأهمية السيطرة على الممرات البحرية وقدرات تصدير النفط للدول المجاورة، كجزء من مساعيها لتصدير الثورة الإسلامية وتعزيز قدرات محور المقاومة. وترى إيران أن هذه السيطرة ضرورية للتحكم في أسعار النفط وفرض هيمنتها على الدول السنية في المنطقة.
تطوير القدرات البحرية: أسطول الظل والسفن الحربية المتخفية
على مر السنين، طورت إيران قدرات بحرية عسكرية ومدنية واسعة، من بينها مشروع السفن الحربية المتخفية بهيئة مدنية، وهي سفن تحمل تجهيزات عسكرية متقدمة وتتيح تنفيذ هجمات سريعة. منذ عام 2018، عززت إيران أيضاً ما يُعرف بـ”أسطول الظل”، الذي يمكّنها من الالتفاف على العقوبات الدولية من خلال تجارة النفط بطرق غير مباشرة. وتعود ملكية هذه السفن غالباً لشركات نفط تابعة للأجهزة الأمنية الإيرانية، حيث تُشغّل تحت غطاء مدني، ويتم نقل النفط بين السفن في عرض البحر لإخفاء مسارات الشحن.
خطة عسكرية للسيطرة على مضيق هرمز
وضعت إيران خلال السنوات الماضية خطة عسكرية للسيطرة على المجال البحري في الشرق الأوسط، مع تركيز خاص على مضيق هرمز. وقد مكنها تراكم الخبرة من تطوير خطة ملموسة لإغلاق المضيق عند الحاجة، ما يمنع دول الخليج من تصدير الغاز والنفط، وبالتالي رفع أسعار النفط الإيراني الذي يُباع عادة بأقل من سعر السوق بنحو 20%. كذلك تهدف إيران من خلال هذه السيطرة إلى تقليص الوجود الغربي على سواحلها، خاصة من خلال الحد من حرية العمليات العسكرية الأمريكية والبريطانية في المنطقة.
سفينة شحن تجارية تُبحر خارج ميناء كيب تاون التجاري في جنوب أفريقيا، في 24 شباط (فبراير) 2023.
استخدام الحوثيين في اليمن كذراع عملياتي
للحصول على خبرة عملياتية، استخدمت إيران في العام الأخير حلفاءها الحوثيين في اليمن، حيث زودتهم بالسلاح، وقدمت لهم التدريب، وأقامت غرفة عمليات مشتركة لإدارة الحصار البحري وعرقلة حرية الملاحة. ومن خلال هذه العمليات، اكتسبت إيران خبرة في مهاجمة سفن تجارية وعسكرية أمريكية وبريطانية باستخدام أنواع مختلفة من الأسلحة.
تطوير القدرات الصاروخية: صفقة الصواريخ الصينية
مع مرور الوقت، أدركت إيران أن قدراتها الحالية غير كافية لتحقيق التفوق البحري، فبدأت في السنوات الأخيرة بالاستثمار في شراء صواريخ كروز فرط صوتية من طراز CM-302 من الصين. وفي الربع الأول من عام 2025، وافقت جهات صينية على بيع هذه الصواريخ لإيران، وهي صواريخ مزودة بتقنية محركات رامجت المتقدمة، ما يعزز التهديد الذي تشكله هذه الصواريخ على المستويين البري والبحري. تعتزم إيران إجراء هندسة عكسية على هذه الصواريخ لتتمكن من إنتاجها محلياً، ما سيعزز قدرتها على تطوير صواريخ كروز بحرية وبرية فرط صوتية يمكن نقلها إلى حلفائها، ويزيد من خطورة تهديد حرية الملاحة في المنطقة.
أهمية مضيق هرمز ودور الأسطول الأمريكي
تعتبر إيران أن امتلاك هذه الأسلحة جزء من خطتها للسيطرة على مضيق هرمز، ما سيمكنها من التأثير بشكل كبير على أسعار النفط ورفعها إلى مستويات قياسية. وتكمن أهمية هذه المضائق في كونها ممرات ضيقة لا بد أن تمر بها جميع السفن القادمة أو المغادرة للكويت، البحرين، قطر، والإمارات، بالإضافة إلى السعودية والعراق. أما حقول النفط السعودية فموجودة في شرق المملكة، وأي محاولة لنقل النفط إلى غرب السعودية لتصديره عبر البحر الأحمر تتطلب رحلة برية طويلة. وتعد قطر، ثالث أكبر مصدر للغاز في العالم، من الدول التي تعتمد كلياً على المرور عبر هذه المضائق.
لهذه الأسباب، يتمركز الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين لضمان حرية الملاحة في المنطقة ودعم الحلفاء مثل البحرين، الإمارات، والسعودية.
التوسع نحو البحر الأحمر والسودان
تشكل التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط فرصة لإيران لتعزيز سيطرتها على المضائق، حيث تعمل على إقامة خطة عسكرية في السودان ونقل أسلحة متطورة، بما في ذلك طائرات بدون طيار، إلى هناك. وتتيح هذه التحركات لإيران، بالتعاون مع الميليشيا الحوثية، إغلاق البحر الأحمر أمام الدول الغربية، ما يعيق بشكل كبير حركة الملاحة الغربية نحو الشرق الأقصى.
الأهداف الاقتصادية: رفع أسعار النفط وتمويل النظام
تعتمد الاقتصاد الإيراني بشكل أساسي على تصدير النفط. ففي أوقات الحرب في الشرق الأوسط، ترتفع أسعار النفط عادة، لكنها تستقر بعد أيام قليلة. ومع ذلك، تمنح الحرب مع إسرائيل إيران فرصة للاستفادة من ارتفاع الأسعار، وتسعى إيران لاستغلال هذه الفرصة للسيطرة على مضيق هرمز، ما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، إذ تشير بعض التقديرات إلى إمكانية تجاوز سعر البرميل 200 دولار. بالنسبة لإيران، يعتبر هذا السيناريو مثالياً، حيث تسيطر على مضائق استراتيجية وتستفيد من أسعار نفط مرتفعة لتمويل النظام وحلفائه.