تباطؤ الطلب العالمي وزيادة في الإمدادات: سوق النفط يعيد تنظيم أولوياته

بينما كانت الأسواق تأمل في انتعاش مستدام للطلب النفطي، جاءت البيانات الجديدة من وكالة الطاقة الدولية لتؤكد أن نمو الطلب العالمي على النفط بدأ بالفعل بالتباطؤ بشكلٍ ملحوظ. ففي الربع الأول من عام 2025، نما الطلب بمعدل 990 ألف برميل يومياً، لكنه من المتوقع أن يتراجع إلى 650 ألف برميل يومياً لبقية العام، مدفوعاً بتباطؤ اقتصادي عالمي ومبيعات قياسية للسيارات الكهربائية.
ورغم ذلك، لا تزال الأسواق الناشئة، بقيادة الصين والهند، المحرك الأساسي للنمو، حيث من المتوقع أن تضيف 860 ألف برميل يومياً هذا العام، ومليون برميل يومياً في 2026.في المقابل، تستمر الاقتصادات المتقدمة في تسجيل انكماش في الطلب بمقدار 120 ألف برميل يومياً في 2025 و240 ألف برميل يومياً في 2026.
الإمدادات في المقابل تسابق الطلب
يأتي الجزء الأكبر من هذه الزيادة من المنتجين خارج أوبك+، بزيادة 1.3 مليون برميل في 2025 و820 ألف برميل في 2026، رغم خفض توقعات الإنتاج من النفط الصخري الأميركي.وقد أعلنت أوبك+ بشكلٍ مفاجئ زيادة جديدة في الإنتاج لشهر يونيو حزيران بمقدار 411 ألف برميل يومياً، وهي الزيادة الثانية على التوالي، ما قد يرفع إجمالي إضافاتها في 2025 إلى 310 آلاف برميل يومياً، و150 ألف برميل إضافية في 2026.
ما بين التوسع والضغط السعري
تأتي الزيادة المتوقعة في الإمدادات في وقتٍ يشهد فيه السوق ضغوطاً على الأسعار، إذ انخفضت أسعار خام برنت بنحو 14 دولاراً في أبريل نيسان لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات عند 60 دولاراً للبرميل، قبل أن ترتد قليلاً إلى 66 دولاراً للبرميل في منتصف مايو أيار، مستفيدة من اتفاقات تجارية جديدة بين أميركا والمملكة المتحدة، وكذلك هدنة جمركية مؤقتة مع الصين.وفي الوقت الذي حافظت فيه معدلات التكرير على استقرارها عند 83.2 مليون برميل يومياً هذا العام و83.6 مليون برميل في 2026، فإن الزيادات جاءت بالكامل من الدول خارج منظمة التعاون، ما يعكس التحول في خارطة الاستهلاك.
الاحتياطيات تتراكم مجدداً.. وإنتاج الدول في أوبك+ بالأرقام
ارتفعت المخزونات العالمية في مارس آذار بمقدار 25.1 مليون برميل، مدفوعة بزيادة بلغت 57.8 مليون برميل في الخام، رغم أنها لا تزال أقل من المتوسط لخمس سنوات بمقدار 221 مليون برميل. وتشير البيانات الأولية لأبريل إلى استمرار تراكم المخزونات، ما يزيد من الضغوط على الأسعار.في ما يلي توزيع نسبة إنتاج عدد من كبار المنتجين في أوبك+ من إجمالي إنتاج التحالف خلال شهري مارس آذار وأبريل نيسان 2025، وفقاً للبيانات المتوفرة. من الواضح أن الفترة المقبلة ستشهد ضغوطاً على هوامش الربح في سلاسل القيمة المرتبطة بالنفط، من الإنتاج وحتى التكرير. زيادة الإمدادات وسط تباطؤ الطلب ستدفع نحو تخمة في المعروض، ما يعني بيئة أسعار أكثر تقلباً، تتطلب من الشركات إعادة النظر في استراتيجيات التوسع والتمويل.كما أن انخفاض الإنفاق الاستثماري في النفط الصخري الأميركي بنسبة تصل إلى 9 في المئة يعكس التحديات المتوقعة لمنتجي النفط الأعلى تكلفة، في وقت تتحرك فيه دول أوبك+ لتعزيز حصتها السوقية.