محمد الفايد: من عتال في ميناء الإسكندرية إلى أثرياء بريطانيا

يرسم المصري محمد الفايد صورة رجل أعمال عالميّ بين حضارتين؛ من بدايات متواضعة في ميناء الإسكندرية إلى تملّكه علامات فاخرة في أوروبا، فقد تُوفّي الفايد في أغسطس آب 2023 عن 94 عاماً، تاركاً ثروة تقدرها مجلة «فوربس» بنحو ملياري دولار. وُلد الفايد عام 1929 في حيّ بسيط بالإسكندرية، إذ عمل منذ صغره عاملَ ميناء وبائعاً للمشروبات الغازية.
كان يطبع على حياته طابع الطموح الريادي، فانتقل إلى الخليج العربي باكراً فتزوّج من شقيقة رجل الأعمال السعودي عدنان خاشقجي، ونال ثقة قادة عرب في الستينيات.ففي عام 1966 أصبح مستشاراً لسلطان بروناي وأسس شركة شحن (جينيفاكو)، وأتيح له التعاقد مع شركة بريطانية لبناء ميناء دبي ثم جذب شركات نفط ألمانية للاستثمار في الإمارات.
هذه البداية في الأسواق الخليجية مهّدت له سُبل الدخول إلى الأسواق العالمية.
إرثه وجدليته الاقتصادية
لا يخلو تراث الفايد الاقتصادي من الأبعاد الرمزية والشخصية المثيرة للجدل، فقد اشتهر بشخصيته «البذخ» التي دمج فيها رموز الحضارة الفرعونية في علامة هارودز؛ حتى لُقّب في الصحافة البريطانية بـ«الفرعون المزيّف». أصبحت الصورة التي تجمعه بزَي فرعوني داخل المتجر رمزاً لهيبته الاجتماعية والسياسية في ذلك الوقت.ولكن مؤخراً في سبتمبر أيلول 2024، بدأت هذه الرمزيات تتآكل تحت وطأة الفضيحة؛ فقد كشفت مصادر صحافية، كما نقلت CNN الاقتصادية، عن تحقيق شرطي مستمر في 140 ادعاء اعتداء جنسي ضد الفايد. وفي ضوء ذلك، قدّم متجر هارودز مخططاً جديداً لإزالة «المصعد المصري» وإزالة تماثيل الفايد الفرعونية.
هارودز تخطط لإزالة تماثيل محمد الفايد (CNN)
وقالت وثائق التخطيط إن «تماثيل وجه الفايد الكبيرة على المصعد الفرعوني صارت تذكيراً مرئياً بخطايا الرجل»، مشيرة إلى أن صحف النعي وصفت الفايد بأنه «كاذب وخيالي ومفترٍ على ضحاياه». هكذا، ينتقل إرث الفايد من مجرّد ثراء بيزنيسي إلى مادة نقاش حول المساءلة الأخلاقية والمسؤولية في عالم الأعمال.تناولت وسائل الإعلام، بما في ذلك البي بي سي BBC ومجلات مثل فانيتي فير، الاتهامات منذ التسعينيات، ومع ذلك لم يتم اتخاذ أي إجراءات قانونية فعّالة حتى الآن.تسبب الكشف عن هذه الاتهامات في موجة من الاستياء في المجتمع، إذ طالب الكثيرون بتحقيقات شاملة ومحاسبة المسؤولين، يشير المحامون إلى أن العدالة للضحايا يجب أن تأخذ مجراها، وأن النساء يجب أن يكون لديهن القدرة على رواية قصصهن ومواجهة الجناة.ختاماً، يظل محمد الفايد شخصية استثنائية تلخّص تلاقي المال والسياسة بين الشرق والغرب، فهو ابن مصر الذي وصل إلى قلب لندن باقتدار، وترك بصمات في تجارة التجزئة والرياضة ومشاريع البنية التحتية الخليجية. وفي الوقت نفسه، تُذكّر قصته بأهمية الشفافية والمسؤولية في إدارة الثروات الكبرى، مع وجود ثروات هائلة في أصول انتقلت إلى مستثمرين عالميين كالصندوق القطري ومالك فولهام، تبقى حكاية الفايد درساً في كيفية انتشار الثروة الدولية، وتداعيات جدله الشخصي على قيم العلامات التجارية التي أسّسها