مبادرة كلارنا في نيويورك: تجربة لقياس الثقة في الفينتك

تستعد شركة كلارنا السويدية (Klarna) لإطلاق طرحها العام الأولي في الولايات المتحدة، في خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع باعتبارها اختباراً لمدى عودة ثقة المستثمرين في قطاع التكنولوجيا المالية سريع النمو.
ومع توسع التجارة الإلكترونية عالمياً، ازدادت جاذبية هذا النموذج، خصوصاً لدى شريحة الشباب الباحثين عن خيارات دفع مرنة وسريعة.
ورغم حداثة النموذج نسبياً، نجحت كلارنا في بناء قاعدة قوية تضم نحو 111 مليون مستخدم نشط، إلى جانب 790 ألف تاجر في 26 دولة، من بينها علامات تجارية عالمية مثل «زارا» و«إتش آند إم» و«سيفورا»، وهذا الحضور الواسع يعكس تحولها من شركة ناشئة إلى لاعب عالمي في مجال المدفوعات الرقمية.لكن طريق الشركة لم يكن دائماً صاعداً، فبعد أن ارتفعت قيمتها السوقية إلى أكثر من 45 مليار دولار بين 2020 و2021 مدفوعة بجولات تمويل متتالية، اضطرت لاحقاً إلى جمع الأموال بتقييم منخفض عند 6.7 مليار دولار. هذه التقلبات سلطت الضوء على هشاشة قطاع التكنولوجيا المالية أمام تغيرات السوق والمخاطر المرتبطة بالتنظيمات والظروف الاقتصادية.
كلارنا تراهن على وول ستريت
تراهن كلارنا على أن الظروف قد نضجت لعودة قوية إلى أسواق المال، في ظل استقرار نسبي في الأسواق العالمية وعودة الاهتمام بالطروحات التكنولوجية بعد سنوات من التباطؤ، وتخطط الشركة إلى بيع 34.3 مليون سهم بسعر يتراوح بين 35 و37 دولاراً، بهدف جمع ما يصل إلى 1.27 مليار دولار.ويرى محللون لدى وكالة رويترز أن نجاح الطرح سيكون بمثابة مؤشر رائد (Bellwether) على مستقبل قطاع التكنولوجيا المالية، إذ قد يفتح الباب أمام شركات أخرى مثل «تشايم» و«سيركل» التي تدرس بدورها دخول السوق الأميركية. في المقابل، فإن استقبالاً فاتراً قد يثير مخاوف بشأن ارتفاع التقييمات والمخاطر التنظيمية، خصوصاً في ظل بيئة تضخمية قد تضغط على ربحية نموذج «اشتر الآن وادفع لاحقاً».وبينما تستعد كلارنا لبدء التداول في بورصة نيويورك تحت رمز «KLAR»، تبقى الأنظار مسلطة على قدرتها في تحقيق توازن بين التوسع السريع وضبط المخاطر، وهي معادلة تحدد -ليس فقط مستقبل الشركة- بل ربما مسار قطاع كامل يسعى لانتزاع حصة أكبر من البنوك التقليدية.