القطاع النسيجي الهندي يتأثر بشدة في ظل صراع “أمريكا أولًا” مع “صنع في الهند”

القطاع النسيجي الهندي يتأثر بشدة في ظل صراع “أمريكا أولًا” مع “صنع في الهند”

تواجه صناعة المنسوجات الهندية، التي تعد من أبرز محركات التصدير في البلاد، أزمة غير مسبوقة بعد أن فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية بنسبة 50% على السلع الهندية.
من بين هؤلاء العمال جنول عبدهين، الذي انتقل قبل عقدين من قريته إلى نيودلهي ليتعلم فن «الزردوزي» التقليدي في التطريز اليدوي.

صدام بين «أميركا أولاً» و«صنع في الهند»

أعلنت واشنطن أن نصف هذه الرسوم عقوبة على شراء الهند نفطاً روسياً، بينما النصف الآخر جزء من حملة ترامب لخفض العجز التجاري الأميركي، الذي بلغ 45.7 مليار دولار مع الهند في 2024.تتعارض هذه السياسة مباشرة مع مبادرة رئيس الوزراء ناريندرا مودي «صنع في الهند»، التي انطلقت عام 2014 لتحويل بلاده إلى قوة تصنيع عالمية، مدعومة بحوافز حكومية تجاوزت 26 مليار دولار.

عمال يواجهون شبح البطالة في الهند

يسود القلق في مصنع أورينت كرافت، الذي يصدر 82% من إنتاجه للسوق الأميركية، يخشى نيراج باندي فقدان كل شيء، بعد 22 عاماً من العمل بمرتب متواضع مول به دراسة أبنائه.سوميترا ديفي، التي كسرت تقاليد قريتها لتعمل في المصنع وتؤمن تعليم بناتها، تخشى العودة إلى الفقر «إذا فقدت عملي، ستعود بناتي إلى مدارس حكومية».يصف المالك سودهير دينغرا الوضع بأنه «أسوأ من كوفيد»، محذراً من انهيار آلاف الأسر.

خسائر بالمليارات وتهديد لعشرين مليون وظيفة

يقدر خبراء أن الرسوم ستؤدي إلى انهيار الطلبيات الأميركية بقيمة 5.4 مليارات دولار بنسبة 60– 90%.قد يفقد 20 مليون عامل في قطاع القطن وظائفهم، بحسب مسؤولي الشركة.تعمل معامل النسيج حول نيودلهي بالفعل بـ50% من طاقتها رغم موسم الذروة.يواجه قطاع الماس في مدينة سورات، الذي يسهم بـ7% من الناتج المحلي ويشغل 5 ملايين شخص، تباطؤاً حاداً.

تداعيات اقتصادية وجيوسياسية

لا تضرب هذه الأزمة الاقتصاد الهندي فحسب، بل تهدد العلاقات مع واشنطن. إذ تجعل التعرفة الجديدة المنتجات الهندية غير تنافسية مقارنة بفيتنام (20%) والصين (42%).ويرى خبراء أن ذلك قد يمحو وجود الهند من بعض الأسواق الأميركية، ويترك «ندبة عميقة» في العلاقة بين البلدين.

محاولات للبحث عن بدائل

بدأ المصنعون يفكرون في أسواق جديدة مثل روسيا وأوروبا وأميركا الجنوبية.وردت الحكومة بإجراءات مضادة، مثل إلغاء رسوم الاستيراد على المواد الخام، وتسريع المفاوضات التجارية لتنويع الصادرات، لكن بالنسبة للعمال هذه التحركات لا تعني الكثير إذا فقدوا وظائفهم اليوم.

مودي يتحدى الضغوط

وصف رئيس الوزراء مودي الرسوم بأنها «غير عادلة»، متعهداً بألا يساوم على مصالح المزارعين والصيادين والعمال، وقال «أعرف أنني سأدفع ثمناً غالياً، لكنني مستعد لذلك».ورغم المخاطر، يرى محللون أن قوة السوق المحلية، ونمو الاقتصاد 6–7%، والإصلاحات الجارية ستخفف من حدة الأزمة، ما يسمح للهند بتجاوز الصدمة على المدى المتوسط.(ريا موغول وإيشا ميترا- CNN)