فرص النجاح خلال الأزمات: خطوات لاستغلالها بفعالية

فرص النجاح خلال الأزمات: خطوات لاستغلالها بفعالية

لا تنظر لوقت الأزمات على أنه ضائع، لأنه قد يكون الوقت المناسب لتطبيق تغييرات تدوم سنوات ومن خلالها تحصد الكثير من النجاح.

وقت الأزمات من ذهب عليك اقتناصه

خلصت عقود من الأبحاث التي أجرتها ويندي وود من جامعة جنوب كاليفورنيا وزملاؤها إلى أن أوقات التغيير الجذري تُتيح أفضل الفرص لإجراء تغييرات تدوم.
ذلك لأن الناس يكونون أكثر تقبلاً لكسر العادات وتكوين عادات جديدة عندما يكون كل شيء من حولهم قد تغير بالفعل، فالبيئة التي دعمت العادات القديمة قد انقلبت رأساً على عقب، وهناك مساحة لتكوين عادات جديدة.تشير أبحاث أخرى إلى أن منطقاً مشابهاً ينطبق على المؤسسات، ففي بيئات السوق المضطربة، يتضاءل الجمود والروتين والمقاومة فجأةً بفعل قوة المطالب الخارجية، ويمكن أن تتغير الروتينات القديمة، ويمكن الحصول على الضوء الأخضر بسهولة أكبر للأفكار الجديدة، خاصة إذا كانت تحل مشكلات آنية. عندما يحدث خلل في الركود التنظيمي بطريقة يمكن التحكم بها، فهذا هو الوقت المناسب لإحداث تغييرات أخرى، لكن تأتي هنا كلمة السر وهي كيفية إدارة تلك التغييرات لتؤتي ثمارها على المؤسسة، إليك كيفية القيام بذلك.

اختر الفرصة المناسبة وأعد صياغتها

عندما انهار سقف متحف بي آند أو للسكك الحديدية التاريخي في بالتيمور عام 2003 بشكلٍ مفاجئ، مُلحقاً أضراراً بالعديد من القطع الأثرية، ومسفراً عن تقدير لإعادة البناء أعلى مما كانت شركة التأمين على استعداد لدفعه، لم يكتفِ مدير المتحف باستدعاء مقاول لإصلاحه، بل أدرك فرصة سانحة لكسب التأييد لتغيير هوية المتحف.ولطالما رغب في تحويله من مؤسسة خاملة تعاني ضائقة مالية، يزورها في المقام الأول أطفال المدارس خلال الرحلات الميدانية، إلى معلم جذب رئيسي يقدم جولات، وبرامج عائلية موسعة، وإقامة، ومكان لاستضافة فعاليات واسعة النطاق. إذا نظرنا للماضي، نجد وخاصة من موظفيه من أمناء المتاحف النخبة الذين سعوا للحفاظ على تركيز المؤسسة على حفظ القطع الأثرية التاريخية. لكن عندما انهار السقف، أعاد صياغة رؤيته كاستجابة للأزمة الراهنة. أظهر تحليل لهذه الحالة أجرته مارليس كريستيانسون، عضو هيئة التدريس في كلية روتمان للإدارة، وزملاؤها، كيف تمكن المدير من كسب دعم الموظفين من خلال إظهار كيف ستضمن رؤيته الوضع المالي للمتحف على المدى الطويل، وتتجنب الإغلاق الدائم على الرغم من الأضرار.عليك انتهاز الفرص بجاهزيتك الكاملة لها، أي يكون لديك خطة لتغيير وضع معين، إما كانت متوقفة، أو خطة تعيد توظيف التقنيات الخاملة، ولكن يجب أن تتميز الخطة بجاهزية التنفيذ بشكل سريع.بمجرد اختيار الخطة المناسبة، أعد صياغتها لإظهار كيف تُعالج مشكلة آنية ناشئة عن لحظة الاضطراب، وتُساهم في قيمة طويلة الأجل للمؤسسة.

السرعة فيصلية في التغيير.. لكن الحذر مهم

السرعة مهمة في الأوقات العصيبة؛ ففرصة رصد أي تحول والتصرف بناءً عليه لا تُتاح إلا لفترة وجيزة. ويتطلب اغتنام الفرص التحلي بالشجاعة، والاكتفاء بما هو متاح، وحشد فريقك نحو اتخاذ إجراءات سريعة، خاصةً إذا لم يكن ذلك هو المعتاد لديهم. بالطبع، قد ينطوي التحرّك السريع على مخاطر؛ ولذلك عليك دراسة خطتك جيدا لتجنب تفاقم الأزمة بتغييرات خاطئة.

انطلق نحو آفاق أوسع

عندما تكون المؤسسات عالقة في الوضع الراهن، يمكن لاختبارات التغيير الصغيرة، مثل المشاريع التجريبية، أن تعزّز الزخم وتُقلل المخاطر، وتساعد من خلال التعلم على صياغة فكرة جديدة -سواء كانت منتجاً أو عملية أو نهجاً جديداً. هذه أسباب وجيهة للتصرف بخطوات صغيرة.ولكن كسب الوقت في تطبيق المشروعات التجريبية واجب، إذ يمكن للمشاريع التجريبية أن تُضيع على القائمين على التغيير لحظات ثمينة عندما تكون الموارد متاحة لفترة وجيزة، ويمكنهم إضاعة الوقت في توليد البيانات لاتخاذ قرارات واضحة في الوقت الحالي، وعليه تختفي الفرص الحقيقية للتوسعات الفعلية.لا يعني الانطلاق نحو التوسع تجاهل الحذر فالمخاطرة كبيرة دون خطة، ولكنه يعني إدراك أن مثل هذه اللحظات تنطوي بطبيعتها على مخاطر كبيرة، ولكنها تتطلب أحياناً من المؤسسات التصرف بشكل مختلف. وهذا يتطلب استثماراً، وأحياناً رهاناً أكبر على أفكار جديدة، وكما قال المفكر الإداري بيتر دراكر: «إن الخطر الأكبر في أوقات الاضطرابات ليس الاضطرابات نفسها، بل التصرف بمنطق الأمس».في الوقت الحالي، وفي ظل عالمنا المتقلب وغير المستقر اليوم، تعد الانتهازية التي لطالما كانت صفة بغيضة للبعض، مناسبة جدا للتطوير والتوسع وتحقيق نجاحات حقيقية على أرض الواقع.