ترامب يستخدم الرسوم الجمركية لتحقيق أهداف الأمن القومي

أظهرت وثائق حكومية داخلية حصلت عليها صحيفة واشنطن بوست أن استخدام الرئيس الأميركي دونالد ترامب واسع النطاق للرسوم الجمركية قد يكون كأداة للقوة الأميركية أكبر مما كان معروفاً سابقاً، إذ شمل مجموعة من أهداف الأمن القومي إلى جانب مصالح شركات فردية.
توسيع المفاوضات التجارية
جاءت هذه الخطوة بعد أن ناقش مسؤولو الإدارة في وقت سابق توسيع المفاوضات التجارية مع أكثر من 12 دولة، بما في ذلك مطالبة إسرائيل بإلغاء سيطرة شركة صينية على ميناء رئيسي، وحث كوريا الجنوبية على دعم علني لنشر القوات الأميركية لردع الصين، إضافة إلى خصمها التقليدي كوريا الشمالية، وفق الوثائق.
رأى مسؤولو الإدارة أن المحادثات التجارية فرصة لتحقيق أهداف تتجاوز بكثير هدف ترامب المعلن بتقليص العجز التجاري المزمن للولايات المتحدة، ففي الأسابيع الأولى بعد أن أوقف الرئيس في 9 أبريل نيسان «الرسوم المتبادلة» للسماح بالمفاوضات، وضع المسؤولون خططاً للضغط على الدول المجاورة للصين من أجل إقامة علاقات دفاعية أوثق، بما في ذلك شراء معدات أميركية واستضافة زيارات للسفن الحربية، وفقاً للوثائق.قالت ويندي كاتلر، التي عملت لأكثر من 25 عاماً في مكتب الممثل التجاري الأميركي وتشغل الآن منصب نائب رئيس معهد سياسة المجتمع الآسيوي في واشنطن: «هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها هذا النوع من المطالب في اتفاق تجاري، عندما تكون على طاولة المفاوضات، لا تتحدث عن مثل هذه الأمور».%50 رسوم على السلع الهنديةكذلك هدد ترامب بفرض رسوم بنسبة 50% على السلع الهندية لإجبار نيودلهي على وقف شراء النفط الروسي الذي تقول الولايات المتحدة إنه يدعم حرب روسيا في أوكرانيا.أقر مسؤولون أميركيون -في قائمة من 8 صفحات لأهداف تفاوضية إضافية- بأن الاتفاقات المحتملة قد تشمل قضايا، مثل القواعد العسكرية، «غير التقليدية في الاتفاقات التجارية»، كما ناقشوا الضغط على دول لتقديم تنازلات لصالح شركات أميركية بعينها، مثل «شيفرون» و«ستارلينك» التابعة لإيلون ماسك.الوثيقة التي تحمل ملاحظات بخط اليد تشير إلى أنها مسودة مؤرخة في الأول من مايو أيار، لم يتضح منها ما إذا كانت تلك البنود قد نوقشت فعلياً في المفاوضات. وقد أعلن ترامب عدة اتفاقات إطارية مع الاتحاد الأوروبي واليابان وفيتنام وغيرها، لكن نصوصاً رسمية لم تُنشر.
خلط بين قضايا التجارة والسياسة
وخلط ترامب في عدة مناسبات بين قضايا التجارة وموضوعات غير ذات صلة؛ ففي يناير كانون الثاني، قال إنه سيفرض رسوماً على السلع الكولومبية ما لم يوافق رئيسها على استقبال مهاجرين مرحّلين، وهو ما حصل لاحقاً. وفي الشهر الماضي، هدد برسوم 50% على الواردات من البرازيل إذا لم توقف الحكومة محاكمة الرئيس السابق جايير بولسونارو بتهمة التحريض على انقلاب.أظهرت الوثائق أن الإدارة خططت لدفع عدة دول، من بينها تايوان والهند وإندونيسيا، لزيادة إنفاقها الدفاعي أو شراء المزيد من المعدات العسكرية الأميركية.وفي جنوب شرق آسيا، كانت الإدارة تأمل أن يدفع تهديد ترامب بفرض رسوم بنسبة 49% على السلع الكمبودية حكومة بنوم بنه للسماح للبحرية الأميركية بإجراء زيارات وتدريبات في قاعدة «ريام» البحرية، وسط مخاوف من وجود بحري صيني هناك.كما كانت إسرائيل على قائمة الضغوط، حيث طلبت الولايات المتحدة منها «إزالة ملكية صينية لميناء حيفا»، في حين أرادت واشنطن إشارة من أستراليا لإعادة النظر في عقد تشغيل ميناء داروين مع شركة صينية.
إقامة قواعد عسكرية
وفي إفريقيا، طالبت الإدارة مدغشقر بعدم السماح للصين بإقامة قواعد عسكرية، وحثت موريشيوس على إزالة معدات الاتصالات الصينية من شبكاتها، ودعت الأرجنتين لضمان الاستخدام المدني لمحطات فضائية صينية.كما تضمنت الوثائق مطالب لصالح شركات محددة؛ ففي ليسوتو، شملت المطالب إعفاءً ضريبياً لمدة خمس سنوات لشركة طاقة أميركية ناشئة، وتسهيل متطلبات لشركة «ستارلينك».في المقابل، قال وزارة الخارجية الأميركية عبر بوابة إلكترونية: «لا نعلق على وثائق يُزعم تسريبها، لكننا نتطلع إلى القصة حول كيفية استخدام إدارة ترامب لمفاوضات التجارة المتبادلة لصالح الشعب الأميركي».