ترامب يعوق مسار «بريكس» بفرض رسوم مرتفعة على الهند والبرازيل

ترامب يعوق مسار «بريكس» بفرض رسوم مرتفعة على الهند والبرازيل

يضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجموعة دول «بريكس» في مرمى نيران حربه التجارية، حيث فرض رسوماً جمركية باهظة على الواردات من البرازيل والهند، واتهمهما باتباع سياسات «معادية لأميركا».
أعلن البيت الأبيض يوم الأربعاء أنه سيفرض رسوماً جمركية إضافية بنسبة 25% على السلع الواردة من الهند، نتيجة استمرار واردات نيودلهي من النفط الروسي، وبذلك تصل نسبة الرسوم المفروضة على معظم السلع الهندية إلى 50%، وهي من بين أعلى النسب التي يواجهها أي شريك تجاري للولايات المتحدة.تواجه البرازيل أيضاً رسوماً جمركية بنسبة 50% على العديد من صادراتها إلى الولايات المتحدة، ليس بسبب اختلالات الميزان التجاري، بل بسبب غضب ترامب مما يسميه «حملة شعواء» ضد حليفه الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، المتهم بالتخطيط لانقلاب عقب خسارته انتخابات عام 2022.
قد يكون هذا الانهيار في العلاقات هو نية ترامب، فربما يخطط لدفع هذه الدول إلى حافة الهاوية حتى توافق على صفقات تجارية تميل بشدة لصالح واشنطن، ويبدو أن هذه الاستراتيجية نجحت مع اليابان والاتحاد الأوروبي.لكن فرض رسوم جمركية باهظة على اقتصادات دول «بريكس» قد يقربها من بعضها البعض.

نادي الـ50%

عقدت دول (بريك) الأساسية، البرازيل وروسيا والهند والصين، قمتها الأولى عام 2009، بعد ثماني سنوات من صياغة جيم أونيل، الخبير الاقتصادي السابق في غولدمان ساكس، للاختصار الذي أطلقه على هذه المجموعة من الاقتصادات الناشئة (BRIC)، والذي قال إنها ستُشكّل تحدياً لمجموعة الدول السبع الغنية في المستقبل.بعد عامين، انضمت جنوب إفريقيا لنصل إلى «بريكس»، ويضم النادي الآن 11 دولة، منها إندونيسيا وإيران والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى تسع دول «شريكة» أخرى، منها ماليزيا ونيجيريا وتايلاند.المجموعة متباينة جغرافياً واقتصادياً وثقافياً وسياسياً، ما يعني أن تماسكها كان دائماً موضع شك، واتسمت علاقاتها بالتوتر في بعض الأحيان، لا سيما بين أكبر أعضائها.ولهذا السبب، كان إعلان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يوم الأربعاء عن زيارته للصين لأول مرة منذ أكثر من سبع سنوات أمراً بارزاً، وقد يكون هذا مؤشراً على أن التوترات المتصاعدة مع واشنطن تُسهم في تحسين العلاقات المتوترة بين نيودلهي وبكين.وفي اليوم نفسه صرح الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، لرويترز، بأنه يعتزم الاتصال بقادة الهند والصين لمناقشة ردّ مشترك من دول بريكس على رسوم ترامب الجمركية.وقال لولا «سأحاول مناقشة وضع كل دولة حتى نتمكن من اتخاذ قرار»، وأضاف «من المهم أن نتذكر أن دول بريكس تضم عشر دول في مجموعة العشرين».

جبهة موحدة

في حين أن لا شيء يُوحّد الجميع مثل عدو مشترك، فإن الاختلافات بين دول بريكس قد تُحدّ من متانة هذه الجبهة.يرى ستيفن جين، الرئيس التنفيذي والرئيس المشارك للاستثمار في شركة يوريزون إس إل جيه لإدارة الأصول في لندن، أن الروابط التجارية بين دول بريكس الخمس الأساسية ضعيفة، حيث لا تتجاوز 14% من حجم تجارتها، وقد تتمتع روسيا والبرازيل بمستويات أعلى من التجارة البينية، إلا أن 9% فقط من صادرات الصين متجهة إلى دول بريكس، وهي نسبة أقل بكثير من نسبة 19% الموجهة إلى دول آسيا الناشئة و15% الموجهة إلى الولايات المتحدة.يقول جين «بريكس أقرب إلى تحالف نظري، لا واقعي».ولكن هناك دلائل على أن التجارة البينية بين دول بريكس آخذة في الازدياد، فقد بلغ حجم التجارة بين الصين وروسيا مستوى قياسياً بلغ 244.8 مليار دولار العام الماضي، وتُعدّ الصين والهند أكبر مشتريين للنفط الروسي، كما أن الصين أكبر شريك تجاري للبرازيل.قد تدفع رسوم ترامب الجمركية دول بريكس إلى التقارب على المدى القريب، في مجالات مثل التجارة والاستثمار واستخدام العملات، وقد تشعر هذه الدول أن من مصلحتها الاقتصادية والسياسية تشكيل جبهة موحدة، لكن إلى متى ستصمد هذه الجبهة؟يرى جيمي ماكجيفر، الصحفي المتخصص في الشؤون المالية في رويترز، أن من الصعب توقع مستقبل مجموعة بريكس، «قد تقاوم الهند الخضوع لنفوذ الصين، وقد تحدّ العقوبات على روسيا من أي تكامل يتجاوز واردات السلع»، لكن «وابل الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب قد يسبب ردّ فعل مختلفاً من هذه الاقتصادات الناشئة، ربما يصل إلى إعادة ترتيب التحالفات العالمية».(رويترز)