هل بإمكان انخفاض عدد سكان اليابان أن يتوقف؟

استمر الانخفاض الحاد في عدد سكان اليابان في التسارع، حيث تقلص عدد سكان البلاد بأكثر من 900 ألف نسمة العام الماضي، وهو أكبر انخفاض سنوي مُسجل، وفقاً لبيانات حكومية.
منذ أن بلغ عدد السكان ذروته عند 126.6 مليون نسمة في عام 2009، انخفض عدد السكان على مدار 16 عاماً متتالية، نتيجة عوامل مختلفة من أهمها الاقتصاد المتعثر.مع استمرار انخفاض عدد المواطنين اليابانيين لعقود قادمة، ستتأثر البلاد سلباً، خاصةً في ما يتعلق بالضغط على أنظمة التقاعد والرعاية الصحية، وغيرها من البنى التحتية الاجتماعية التي يصعب الحفاظ عليها في ظل تقلص القوى العاملة.
تحاول الحكومة مكافحة هذا التراجع منذ أكثر من عقد، وقد تسارعت وتيرة الجهود في السنوات الأخيرة مع اتضاح حجم الأزمة بالكامل، بدءاً من تقديم إعانات للولادة والسكن وصولاً إلى تشجيع الآباء على أخذ (إجازة أبوة).لكن في كل عام، يقل عدد المواليد، وتُسجل وفيات أكثر، وتبلغ نسبة كبار السن حالياً 30% من إجمالي السكان، وفقاً للبيانات الجديدة، وهي نسبة مرتفعة جداً، بينما تتقلص نسبة الشباب البالغين، في سن الإنجاب والعمل، باستمرار.وبلغ عدد المواليد المسجل العام الماضي، 687,689 فقط، وهو الأقل في السجلات التاريخية التي تعود إلى عام 1968، بينما كان عدد الوفيات، الذي قارب 1.6 مليون، هو الأعلى على الإطلاق.شكّل السكان في سن العمل، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً، 59% فقط من سكان اليابان العام الماضي، وهي نسبة أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 65%، وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.استمر هذا التراجع لعقود، بسبب انخفاض معدل الخصوبة باستمرار في اليابان منذ سبعينيات القرن الماضي، ولهذا السبب يقول علماء الاجتماع والديموغرافيون إنه لا يوجد حل سريع لعكس هذا الاتجاه.حتى لو تمكنت اليابان من رفع معدل الخصوبة بشكل كبير وفوري، وهو أمر مستبعد، فمن المؤكد أن عدد سكانها سيستمر في الانخفاض لعدة عقود أخرى على الأقل حتى تتوازن نسبة الشباب إلى كبار السن، ويصل الأطفال المولودون الآن إلى سن الإنجاب.
هل الهجرة حل؟
أشار الخبراء إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في اليابان، وركود الاقتصاد والأجور، ومحدودية المساحة، وثقافة العمل الشاقة كأسباب لانخفاض عدد الأشخاص الذين يختارون الزواج وإنجاب الأطفال.بالنسبة للنساء، ليست التكاليف الاقتصادية هي العامل الوحيد المزعج، حيث يُتوقع من المرأة المتزوجة غالباً أن تتولى دور مقدم الرعاية، على الرغم من جهود الحكومة لإشراك الأزواج بشكل أكبر.أشار الخبراء إلى أن أحد الحلول الممكنة يتمثل في سد الفجوة من خلال الترحيب بمزيد من المهاجرين، وهو موضوع مثير للجدل في اليابان، لأنها دولة محافظة إلى حد كبير تعتبر نفسها متجانسة عرقياً، ولطالما اشتكى المقيمون الأجانب من العنصرية والتمييز.لكن الحكومة اتجهت نحو هذا الخيار، حيث أطلقت خطة جديدة لتطوير مهارات العمال الأجانب، وهناك دلائل على أنها قد تكون بدأت تؤتي ثمارها؛ فقد ارتفع عدد المقيمين الأجانب في اليابان بأكثر من 10% العام الماضي ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 3.6 مليون شخص، وفقاً للبيانات الجديدة.وبحسب النماذج الحكومية، التي تمت مراجعتها مؤخراً في عام 2023، فإن عدد سكان اليابان سينخفض بنسبة 30% بحلول عام 2070، ولكن بحلول ذلك الوقت من المتوقع أن يتباطأ معدل الانخفاض السكاني قليلاً، ويرجع هذا أساساً إلى زيادة الهجرة الدولية.(جيسي يونغ ويومي أسادا، CNN)