مراكز البيانات تتصدر المشهد في 2025 بينما تتراجع الاستثمارات البيئية.

استحوذت مراكز البيانات وأشباه الموصلات على الحصة الأكبر من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال النصف الأول من عام 2025، وفقاً لبيانات أولية من منصة fDi Markets لتتبع الإعلانات الاستثمارية الجديدة. يأتي هذا في وقت بدأت فيه الاستثمارات الخضراء، التي كانت تقود المشهد سابقاً، بالانحسار.
من يناير كانون الثاني حتى يونيو حزيران 2025، أعلن المستثمرون عن مشروعات بقيمة تتجاوز 700 مليار دولار في العالم، وهو ثالث أعلى مستوى نصف سنوي منذ بدء التسجيل في عام 2003. ويعكس هذا الأداء القوي إلى النمو المتسارع في البنية التحتية الرقمية، وخاصة مراكز البيانات المرتبطة بالحوسبة السحابية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
في مشهد استثنائي، تجاوزت الاستثمارات في مراكز البيانات وحدها خلال الأشهر الستة الأولى من العام نظيرتها في كامل عام 2024، لتصل إلى 156 مليار دولار. ولفتت فرنسا الأنظار بعدما استحوذت على أكثر من ثلث هذا الرقم، بدعم من إعلان مجموعة أم جي أكس MGX عن استثمار يتجاوز 30 مليار دولار في مشروع مجمع الذكاء الاصطناعي الفرنسي الجديد.و كان ذلك ضمن خطة الرئيس إيمانويل ماكرون الطموحة لجعل فرنسا لاعباً أساسياً في الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم إلى جانب أميركا، عبر جذب استثمارات تُقدّر بـ109 مليارات دولار.أما قطاع أشباه الموصلات، فقد اجتذب 121.5 مليار دولار نحو 85% من الاستثمارات في هذا المجال داخل الولايات المتحدة وحدها، مدفوعاً بإعلان شركة تي أس أم سي TSMC التايوانية عن استثمارات ضخمة بقيمة 100 مليار دولار لإنشاء مصانع في ولاية أريزونا. وتُشكل استثمارات أم جي أكس و تي إس إم سي مجتمعَتين ما يعادل خُمس إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر عالمياً في النصف الأول من العام.لكن رغم هذا الزخم الرقمي، واجهت بعض المشاريع العملاقة تأخيرات ملحوظة، إذ ألغت «إنتل» intel خططاً سابقة لبناء مصانع في ألمانيا وبولندا، في إشارة إلى التحديات التشغيلية المرتبطة بهذا النوع من المشاريع الضخمة.تُشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن مراكز البيانات ستُسهم بأكثر من 20% من نمو الطلب العالمي على الكهرباء حتى عام 2030، وهو ما يُفسر جزئياً التوسع الهائل في هذه المشاريع. ومع ذلك، شهدت الاستثمارات في الطاقة المتجددة تراجعاً واضحاً، إذ انخفض الاستثمار في هذا القطاع إلى 83 مليار دولار في النصف الأول من 2025، مقارنة بـ147 ملياراً في الفترة نفسها من 2024.لم تكن القطاعات الفرعية للطاقة المتجددة أوفر حظاً؛ إذ تراجعت الاستثمارات في الهيدروجين والتقنيات النظيفة الناشئة إلى 28 مليار دولار فقط، مقارنة بـ67 ملياراً قبل عام. كما انخفض الاستثمار في طاقة الرياح إلى 15 ملياراً مقابل 29 ملياراً، وحدها الطاقة الشمسية أظهرت مرونة نسبية، وظلت تستحوذ على النسبة الأكبر من المشاريع، لا سيما في أوروبا.بالمقابل، ارتفعت الاستثمارات في الغاز الطبيعي إلى 19 مليار دولار، مدفوعة بمشروع ضخم لشركة وودسايد إنرجي Woodside Energy بقيمة 17.5 مليار دولار لبناء منشأة للغاز الطبيعي المسال في ولاية لويزيانا الأميركية.شهد قطاع معدات الطاقة قفزة استثمارية بدعم من إعلان مجموعة إبيردرولا Iberdrola الإسبانية عن استثمار قياسي بقيمة 20 مليار دولار في شبكات الكهرباء الأميركية. أما قطاع السيارات، الذي كان في واجهة الاستثمار العالمي قبل أعوام، فغاب عن قائمة القطاعات العشر الأولى، إذ لم يتجاوز حجم الاستثمار فيه 8.3 مليار دولار، مقارنة بـ43.5 مليار في الفترة نفسها من 2024.كذلك، انخفض الاستثمار في البطاريات إلى 2.95 مليار دولار فقط، مقارنة بـ13.25 مليار في النصف الأول من 2024، و31.84 مليار في 2023.ويعكس ذلك تراجعاً حاداً في الزخم الاستثماري لهذا القطاع الذي كان يُعد من الأعمدة الأساسية لثورة السيارات الكهربائية.