الثقة في بيانات الاقتصاد الأمريكي تتلاشى بسهولة وتعود بصعوبة.

الثقة في بيانات الاقتصاد الأمريكي تتلاشى بسهولة وتعود بصعوبة.

فتح قرار إقالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرئيسة مكتب إحصاءات العمل إريكا ماكينترفر جراحاً قديمة حول مصداقية البيانات في الاقتصادات الكبرى.وتذكّر المستثمرون والمحللون تجارب مريرة من دول مثل الأرجنتين وتركيا، إذ أدى التسييس المفرط للمؤسسات الإحصائية إلى تآكل الثقة لعقود، ما انعكس على قرارات الاستثمار والسياسات النقدية.
جاءت الإقالة لتثير زلزالاً في الثقة بمصداقية البيانات الرسمية الأميركية، وتفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول مستقبل الاستقلالية الإحصائية في أكبر اقتصاد في العالم.اتهم ترامب ماكينتارفر، دون تقديم أي دليل، بالتلاعب في أرقام الوظائف بعد صدور بيانات أضعف من المتوقع، تضمنت مراجعات كبيرة بالخفض لأرقام النمو والتوظيف، ما دفعه إلى الإعلان عن تعيين بديل لها خلال أيام.

في الولايات المتحدة، تُعد البيانات الرسمية مرجعية ليس فقط للبنوك المركزية، بل أيضاً للشركات والأسواق والمؤسسات الدولية.وأي هزة في نزاهتها قد تدفع اللاعبين الرئيسيين للاعتماد على مصادر بديلة، أقل دقة أو أكثر تقلباً، مثل المؤشرات المستقلة واستطلاعات الرأي الاقتصادية.لا تقتصر التحديات فقط على الجانب السياسي، فبحسب تقارير عدة، تعاني أقسام الإحصاء من نقص في التمويل وتراجع الاستجابة للاستبيانات الهاتفية، ما يعقّد مهمة جمع بيانات تمثيلية وموثوقة.القلق الأكبر الآن هو أن يتم استخدام المناصب الإحصائية في الولايات المتحدة ضمن ما يُعرف بـ«نظام الغنائم»، أي توزيع المناصب كمكافآت سياسية للموالين، في مخالفة صريحة للمبادئ التي وضعتها الأمم المتحدة لضمان حيادية العمل الإحصائي.بينما حذر خبراء من أن تمرير مرسوم رئاسي جديد حول التوظيف الفيدرالي قد يسمح بجعل هذه الوظائف خاضعة بالكامل للولاء السياسي، وليس للكفاءة أو المهنية.وبينما تم تعيين نائب مفوض مكتب الإحصاءات العمالية، قائماً بالأعمال بشكل مؤقت، وليام ويتروفسكي، يبقى السؤال الأهم، وهو هل ستُرمَّم هذه الثغرة في مصداقية البيانات، أم أن أميركا دخلت فعلاً مرحلة «الأرقام المصنوعة»؟