ترامب وصراعه مع الواقع: من بيانات الإحصاء إلى سرد التاريخ

في الولايات المتحدة، لا تُقاس السلطة فقط بعدد الأصوات أو حجم النفوذ داخل المؤسسات، بل أيضاً بمدى القدرة على التحكم في تدفق المعلومات أو حتى محوها، تحليل للصحفي برايان ستيلتر من CNN يرصد كيف حوّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذه السيطرة إلى أداة سياسية، تبدأ بالأرقام والإحصاءات وتمتد إلى الإعلام والتاريخ.
حتى وسائل الإعلام لم تسلم من هذه السياسة؛ فقد دعا ترامب لسحب تراخيص قنوات كبرى، ورفع دعاوى تشهير ضد صحف عريقة مثل وول ستريت جورنال، ما يثير مخاوف جدية حول مستقبل حرية الصحافة، وزاد الجدل بعد حذف قواعد بيانات رسمية توثق إعلاناته وظهوره العام، ما اعتبره منتقدون مساساً بشفافية الإدارة.
هذا التوجه أثار قلقاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والإعلامية والمستقلة، وزير الخزانة الأسبق، لورانس سامرز، علّق قائلاً: «طرد الإحصائيين يوازي تهديد رؤساء الصحف، والهجوم على الجامعات ومكاتب المحاماة… هذه أمور مرعبة بالفعل».الخبير في معهد أميركان إنتربرايز، كلاي كالفرت، وصف ترامب بأنه «حارس بوابة المعلومات»، يختار من يتحدث وماذا يُنشر، ويعاقب من يخرج عن النص، وحتى الأسواق لم تسلم من آثار قراراته، إذ أحدثت إقالة مسؤولة الوظائف ارتباكاً في البورصات وزعزعت ثقة المستثمرين، قبل أن يعلن ترامب عزمه اختيار «بديل استثنائي» خلال أيام.ورغم أن بعض مساعديه يرون أن البيانات قابلة للتسييس، فإن الضغط الشعبي والإعلامي أحياناً ينجح في كبح جماح هذا التوجه، فقد اضطر متحف التاريخ الأميركي إلى نفي أي ضغوط من البيت الأبيض بعد حذف اسم ترامب من معرض يوثق محاكمته.القصة ليست جديدة، لكنها تتسارع، فمن التطهير الليلي للمراقبين المستقلين، إلى محو بيانات اللقاحات من المواقع الحكومية، وحتى إغلاق إذاعة «صوت أميركا» بحجة بث «دعاية راديكالية»… يبدو أن معركة ترامب الحقيقية ليست مع خصومه السياسيين، بل مع المعلومة ذاتها.