2.9 مليون فيديو تم حذفه في مصر فقط.. هل يلوح في الأفق حظر تيك توك في دول المنطقة؟

أصبح تطبيق تيك توك محور نقاش واسع في مصر والعديد من دول المنطقة والعالم، وسط تصاعد القلق بشأن المحتوى الرقمي وتأثيره الاجتماعي والثقافي، لا سيما بعد صدور تقرير المنصة الأخير بشأن إنفاذ إرشادات المجتمع خلال الربع الأول من عام 2025.دول العالم، في ظل تزايد الاهتمام بالمحتوى الرقمي وتأثيره الاجتماعي والثقافي، خاصة بعد الكشف عن أرقام مثيرة للانتباه ضمن تقرير المنصة الأخير لإنفاذ إرشادات المجتمع خلال الربع الأول من عام 2025.
وبحسب التقرير الصادر عن الشركة، حذفت المنصة أكثر من 16.5 مليون فيديو مخالف لإرشادات المجتمع من عدة دول عربية، بينها مصر، والعراق، ولبنان، والإمارات والمغرب، وذلك في الفترة ما بين يناير كانون الثاني ومارس آذار 2025.
كَمٌ كبير من الانتهاكات
ورغم أن المنصة أوضحت أن أكثر من 99 في المئة من المحتوى المخالف يحذف قبل الإبلاغ عنه، وأن 94% منه يُزال خلال 24 ساعة فقط، فإن الكم الكبير من الانتهاكات في مصر يثير تساؤلات حول نوعية المحتوى المتداول ومدى توافقه مع القيم المجتمعية.
مصر وتيك توك.. قيود دون حظر شامل
استجابة لهذا الواقع، تسير مصر نحو نهج رقابي أكثر صرامة دون اللجوء إلى الحظر الكامل، فقد منحت الحكومة المنصة مهلة ثلاثة أشهر لتعديل المحتوى بما يتماشى مع القيم المجتمعية المصرية، بحسب النائب أحمد بدوي، عضو لجنة الاتصالات في مجلس النواب.وخلال لقاء جمع الرئيس التنفيذي لتيك توك في مصر وشمال إفريقيا مع الهيئة القومية لتنظيم الاتصالات وأعضاء اللجنة البرلمانية، تعهدت المنصة بمراجعة سياساتها وتكييف خوارزمياتها بما يراعي الثقافة المحلية، وسط تأكيد رسمي بأن السلطات المصرية «تراقب عن كثب» المحتوى المنشور وتتدخل متى لزم الأمر.
انتهاك القيم الأسرية
وشدد بدوي على أن الهدف ليس الحظر بل «ضبط المنصة بما يعكس النسيج المجتمعي»، مشيراً إلى أن أنواعاً معينة من المحتوى قد تم تقييدها بالفعل، في إشارة واضحة إلى ما يُعرف بمقاطع «الإثارة الرخيصة» أو «انتهاك القيم الأسرية».وفقاً للبيانات التي نشرها موقع ستاتيستا في أوائل عام 2024، يقدر عدد مستخدمي تيك توك البالغين في مصر بنحو 32.9 مليون، أي نحو 47% من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 عاماً أو أكثر.
تحديات عالمية وإقليمية
لا تواجه منصة تيك توك التحديات في مصر وحدها، بل تجد نفسها في مرمى قرارات حكومية حول العالم، ما بين الحظر الكامل والتقنين المشروط.ففي الولايات المتحدة، ورغم وصول عدد المستخدمين النشطين إلى 170 مليون شخص بنهاية 2024، خضعت المنصة لمحاولات حظر متكررة، لا سيما خلال إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس السابق جو بايدن.أما في الهند، فقد أُدرجت تيك توك ضمن أكثر من 50 تطبيقاً صينياً حُظرت تماماً منذ 2020، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، وفي إندونيسيا واجهت المنصة حظراً جزئياً سابقاً، قبل أن يُعاد السماح بها تحت رقابة محتوى مشددة.وفي الاتحاد الأوروبي، فرضت دول مثل فرنسا وبلجيكا والدنمارك قيوداً على استخدام التطبيق على الأجهزة الحكومية، بينما حذرت المفوضية الأوروبية من جمع البيانات وإشكاليات حماية القاصرين، أما في أستراليا وكندا، فتم حظر التطبيق على الأجهزة الرسمية، في خطوة مشابهة.
حماية الخصوصية والسيادة الرقمية
تعكس هذه المواقف المتباينة صراعاً متنامياً بين حماية الخصوصية والسيادة الرقمية من جهة، ومبادئ حرية التعبير والانفتاح الرقمي من جهة أخرى، في وقتٍ تتزايد فيه الدعوات العالمية لضبط محتوى المنصات الرقمية بما يتناسب مع خصوصية كل مجتمع.
الهدايا الرقمية.. سر جاذبية تيك توك
تبقى الهدايا الرقمية هي العامل الرئيسي الذي تستخدمه تيك توك لتحديد مقدار التعويض الذي تقدمه للمبدعين مقابل مقاطع الفيديو الخاصة بهم.بالإضافة إلى ذلك، تنظر الشركة أيضاً في مدة وتكرار المحتوى الذي يشاركونه، واستناداً إلى شعبية مقاطع الفيديو الخاصة بهم تمنح تيك توك المبدعين «ألماساً» يمكنهم تحويله إلى أموال.ووفقاً لتحليل شركات تسويق المؤثرين، فإن كل ماسة تُمنح تساوي تقريباً 5 بنسات بريطانية، في حين تحتفظ المنصة بنحو 50% من العائد.جعلت هذه المعادلة بعض صانعي المحتوى يسعون إلى جذب التفاعل بكل الوسائل الممكنة، أحياناً على حساب المحتوى اللائق أو المتوافق مع القيم المحلية.