من ركائز التعليم إلى ساحة للرقص بـ200 مليون دولار.. مشروع ترامب الجديد في البيت الأبيض

من ركائز التعليم إلى ساحة للرقص بـ200 مليون دولار.. مشروع ترامب الجديد في البيت الأبيض

في صيف مزدحم باللقاءات والاجتماعات في البيت الأبيض -مع وفود أجنبية تعقد اتفاقات تجارية، وأعضاء في الحكومة يخططون لإعادة هيكلة الدولة، ومديرين تنفيذيين يطلبون إعفاءات جمركية- وجد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقتاً لمشروع آخر مختلف تماماً؛ إلا وهو إعادة تشكيل البيت الأبيض نفسه.
وقد أمر بتفاصيل دقيقة -مثل تشطيبات ذهبية تحاكي ديكور نواديه، بل إن بعضها شُحن مباشرة من فلوريدا- في تحول يتجاوز بكثير عمليات التجميل المؤقتة.

تغييرات غير مسبوقةلم يُدخل أي رئيس في الذاكرة الحديثة تغييرات مادية بهذا الحجم على البيت الأبيض كما فعل ترامب هذا العام، فبعد ستة أشهر فقط من عودته إلى المنصب، دخلت خططه لتغيير شكل المقر الرئاسي مرحلة التنفيذ المتقدمة.من بين أبرز معالم التغيير، نُصبت أعمدة أعلام ضخمة في الجهتين الشمالية والجنوبية من الحديقة، بتصميم صممه ترامب نفسه باستخدام الفولاذ المجلفن والحبال الداخلية، وتم تركيبها في يونيو الماضي.أما حديقة الورود، فتمت إزالة العشب منها بالكامل، واستُبدلت بأرضيات حجرية تحاكي فناء «مارالاغو»، حيث اعتاد ترامب تناول العشاء في الهواء الطلق، حتى مصارف المياه تم تزيينها على شكل أعلام أميركية، ووُضعت أختام رئاسية داخل الأحجار.وفي المكتب البيضاوي، ظهرت الزينة الذهبية الكثيفة -بما في ذلك تماثيل كروبية صغيرة فوق الأبواب- والتي استُحضرت من نفس الحرفي الذي زين عقار ترامب في بالم بيتش.قاعة رقص فاخرة على الطراز الملكيسيبدأ قريباً العمل على تشييد قاعة الرقص الجديدة التي تمثل أول توسعة كبيرة للبيت الأبيض منذ عقود، وقد قال ترامب إنه سيموّل المشروع البالغ قيمته 200 مليون دولار بالتعاون مع متبرعين من القطاع الخاص، كما فعل -حسب قوله- في تجديد حديقة الورود ونصب أعمدة العلم، دون الكشف عن كلفتها.وفقاً لتصاميم نشرها البيت الأبيض، ستضم القاعة ثريات كريستالية، أعمدة كورنثية مذهبة، سقفاً مزخرفاً بتطعيمات ذهبية، أرضية رخامية متشابكة، ومصابيح ذهبية، وستطل نوافذ القاعة الكبيرة على الحديقة الجنوبية.وقد شبه ترامب التصميم بطراز قاعة المناسبات الفخمة في «مارالاغو»، قائلاً أثناء استقباله رئيسة المفوضية الأوروبية في أحد منتجعاته في إسكتلندا: «لا أحد من الرؤساء عرف كيف يبني قاعة رقص… يمكنني إسقاط هذه القاعة هنا وستبدو رائعة».رؤية متأصلة منذ عقوديقول ترامب إنه لطالما حلم بإضافة قاعة للبيت الأبيض، حتى أنه تواصل مع إدارة أوباما في عام 2010 لاقتراح بنائها بتكلفة 100 مليون دولار، إلا أن الفكرة قوبلت بالتجاهل، وقال المتحدث السابق باسم أوباما، جوش إيرنست، في 2015: «لا أعتقد أنه من المناسب أن يُكتب اسم ترامب الذهبي على أي جزء من البيت الأبيض».وفي ولايته الأولى، يقول ترامب إنه كان «مطارداً» سياسياً ما منعه من تنفيذ أفكاره: «كنت الهدف، أما الآن فأنا من يطارد».أما اليوم، ومع عودته للرئاسة، يؤكد أنه غير معني بالمنتقدين، ويمضي قدماً في تنفيذ رؤيته دون عوائق.التغييرات التي قد تدومرغم أن الزخارف الذهبية في المكتب البيضاوي قد تُزال عند انتهاء ولايته في 2029، فإن تغييرات أخرى تبدو أكثر ديمومة مثل: إزالة أعمدة العلم قد يُعتبر تصرفاً غير وطني، وتفكيك أرضية حديقة الورود سيكون مكلفاً، أما قاعة رقص تتسع لـ650 ضيفاً بتكلفة تقارب ربع مليار دولار فمن الصعب تخيل هدمها مستقبلاً.يقول المؤرخ الرئاسي تيم نفتالي من جامعة كولومبيا: «بعض التغييرات الرئاسية تبقى وتُقبل من الشعب الأميركي، وبعضها الآخر يختفي».وأشار إلى أن بعض الإضافات التاريخية، مثل رؤوس الأيائل التي أضافها تيودور روزفلت إلى غرفة الطعام الرسمية، لم تبقَ طويلاً.استلهام من جاكلين كينيديمثل جاكلين كينيدي التي قادت تجديدات واسعة للبيت الأبيض في ستينيات القرن الماضي، بما في ذلك تصميم حديقة الورود الأصلية بالتعاون مع خبيرة البستنة الشهيرة «باني ميلون»، يبدو أن ترامب يسعى لترك بصمته الخاصة، لكن بأسلوبه الشخصي.وعن هذه التغييرات، قال وزير الصحة والخدمات الإنسانية، روبرت إف. كينيدي جونيور، خلال كلمة له هذا الأسبوع: «أزور هذا المبنى منذ 65 عاماً، ولم أره يوماً بهذا الجمال».وحتى صور عائلة كينيدي القديمة، يراها كينيدي الابن اليوم «باهتة مقارنة بروعة التصميم الحالي».