الساعات السويسرية والأدوية: تأثيرات حرب ترامب التجارية

حذّر المصنّعون السويسريون يوم الجمعة من أن عشرات الآلاف من الوظائف معرضة للخطر بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليهم أحد أعلى معدلات الرسوم الجمركية في إطار إعادة ضبط التجارة العالمية، حتى مع وجود بعض التسهيلات في الوقت الحالي لقطاع الأدوية الرئيسي.
وأفاد البيت الأبيض يوم الجمعة بأنه اتخذ هذه الخطوة بسبب ما وصفه برفض سويسرا تقديم «تنازلات جوهرية» من خلال إزالة الحواجز التجارية.
قال مسؤول في البيت الأبيض: «سويسرا، كونها من أغنى دول العالم وأعلاها دخلاً، لا يمكنها أن تتوقع من الولايات المتحدة أن تتسامح مع علاقة تجارية أحادية الجانب».وقالت الرئيسة السويسرية كارين كيلر-سوتر لرويترز في وقت سابق: إن الحكومة ستواصل الحوار مع واشنطن، لكن التنازلات التي يمكنها تقديمها محدودة، إذ تتمتع الواردات الأميركية بالفعل بحرية الوصول إلى السوق بنسبة 99.3%.وقالت على هامش فعالية بمناسبة اليوم الوطني السويسري في رويتلي: «لدينا شركات قامت باستثمارات مباشرة بالغة الأهمية (في الولايات المتحدة)، من الصعب حقاً تقديم المزيد».وتمثل المنتجات الصيدلانية الصادرات الرئيسية لسويسرا إلى الولايات المتحدة، والتي بلغت قيمتها 35 مليار دولار العام الماضي، مع أن المسؤولين أكدوا أن شركات الأدوية لا ينبغي أن تتأثر بالرسوم الجمركية المرتفعة في الوقت الحالي.وقالت مجموعة سويس ميم، وهي مجموعة تمثل صناعات الهندسة الميكانيكية والكهربائية، إنها «مذهولة للغاية» من الخطوة الأميركية. وقال نائب مديرها، جان فيليب كول: «إنها صدمة كبيرة لقطاع التصدير وللبلد بأكمله»، الرسوم الجمركية لا تستند إلى أي أساس منطقي، وهي تعسفية تماماً، ستؤثر هذه الرسوم بشدة على الصناعة السويسرية، لا سيما أن منافسينا في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا واليابان يفرضون رسوماً جمركية أقل بكثير.تُعدّ الولايات المتحدة أكبر سوق أجنبية للساعات السويسرية، حيث تُمثّل 16.8% من الصادرات، أي ما يُعادل نحو 4.4 مليار فرنك سويسري، وفقاً لاتحاد صناعة الساعات السويسرية.وقال شاهزيب خان، الذي يُدير شركتين لبيع الساعات السويسرية الفاخرة في الخارج، إن الرسوم الجمركية «صعبة الاستيعاب».وأضاف خان: «الأمر يخرج عن السيطرة قليلاً، لا أعتقد أن العلامات التجارية قادرة على استيعاب 39%».من المقرر أن يدخل المعدل الجديد حيز التنفيذ في 7 أغسطس آب، وخبّر مصدر سويسري مُطّلع على الأمر بأن المفاوضات ستستمر.وأكد مكتب الاستثمار الرئيسي في يو بي إس لإدارة الثروات العالمية أن افتراضه الأساسي لا يزال قائما، وهو أن سويسرا ستتوصل في النهاية إلى اتفاق مُشابه للاتفاق الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي، والذي فرض رسوماً جمركية بنسبة 15% على الواردات إلى الولايات المتحدة.وأضافت: «نتوقع نمواً ضعيفاً، لكن ليس ركوداً للاقتصاد السويسري في الأرباع القادمة».
قطاع الأدوية يواجه تهديداً
شهد قطاع الأدوية، الذي يضم عملاقي الصناعة روش ونوفارتس، بعض التحسن، إذ لم يُشملا في معدل الـ39%.وقال متحدث باسم وزارة الاقتصاد: «تتفهم السلطات السويسرية أن الرسوم الجمركية لا ينبغي أن تشمل قطاع الأدوية»، لا يزال القطاع يواجه احتمال فرض رسوم منفصلة.لطالما نجت صناعة الأدوية من الحروب التجارية نظراً للضرر المحتمل الذي قد يلحق بالمرضى، لكن ترامب أفاد بأنه يريد تقليل اعتماد الصناعة على الأدوية المصنعة في الخارج وخفض الأسعار.وقد أطلق تحقيقاً أمنياً بموجب المادة 232 في قطاع الأدوية عالمياً، ومن المتوقع اتخاذ قرار بشأن فرض رسوم جمركية منفصلة على هذا القطاع في الأسابيع المقبلة. وكان ترامب قد صرّح في يوليو تموز بأن هذه الرسوم قد تصل إلى 200%، وحذرت جمعية «ساينس إندستريز»، وهي جمعية أعمال سويسرية تضم أكثر من 250 شركة كيميائية وصيدلانية وتكنولوجية حيوية وغيرها من الشركات العلمية، من أن قطاعي الكيماويات والأدوية قد يتأثران بهذه الرسوم الجمركية.وأضافت الجمعية في بيان: «المنتجات الصيدلانية جزء من سلاسل توريد معقدة ومترابطة عالمياً، وستُلقي الرسوم الجمركية الجديدة عبئاً ثقيلاً على هذه الهياكل، مع تزايد حالة عدم اليقين لدى الشركات ومخاطر جسيمة على إمدادات الأدوية الحيوية، لا سيما في الولايات المتحدة».
تغييرات مفاجئة
أفادت وزارة المالية في بيان، دون ذكر تفاصيل، بأن إعلان ترامب يختلف اختلافاً كبيراً عن مسودة بيان مشترك وافقت عليها الحكومة السويسرية في 4 يوليو تموز بعد محادثات مكثفة مع الولايات المتحدة.وينتظر المسؤولون السويسريون منذ ذلك الحين الموافقة على ما فُهم أنه إطار عمل أولي لاتفاق.زارت كيلر-سوتر، التي تشغل أيضاً منصب وزيرة المالية، ووزير الاقتصاد غي بارميلان واشنطن لتوضيح موقفهما؛ حيث تُعدّ سويسرا سابع أكبر مستثمر في الولايات المتحدة.صدرت سويسرا بضائع بقيمة تقارب 65 مليار فرنك سويسري إلى الولايات المتحدة العام الماضي، أي ما يعادل سدس إجمالي صادراتها تقريباً، ما حقق فائضاً في تجارة السلع مع الولايات المتحدة يقارب 38.7 مليار فرنك سويسري، أما في قطاع الخدمات، فقد بلغ عجزها قرابة 20.4 مليار فرنك سويسري.(رويترز)