لماذا لا يستطيع ترامب الضغط على الصين للتوصل إلى اتفاق تجاري؟

بعد يومين من موافقة الاتحاد الأوروبي على اتفاقية تجارية إطارية مع البيت الأبيض، التي انتقدها بعض قادة الاتحاد، غادر مفاوضو ترامب جلسات محادثاتهم مع فريق المفاوضات الصيني في السويد دون تحقيق أي تقدم يُذكر.
وقد أعلن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن محادثات ستوكهولوم أحرزت «تقدماً جيداً»، وأعلن الجانب الصيني أن الوفدين اتفقا على تمديد الهدنة المتبادلة لمدة 90 يوماً.
وأمام ترامب خياران، إمّا الموافقة على الهدنة التي أقرّها الوفدان واستمرار المحادثات، وهو ما يُناسب بكين، أو إحياء حرب تجارية كارثية بين القوى العظمى.
رهان ترامب
لا أحد يُنكر نجاح ترامب في عقد الصفقات، فقد وقّع بالفعل سلسلة من الاتفاقيات الإطارية مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة واليابان وإندونيسيا والفلبين، وكلها تصبّ في مصلحة الولايات المتحدة من خلال فرض رسوم جمركية أحادية الجانب.لقد أثمر رهان ترامب، والمتمثل في أن الدول والكتل التجارية عليها دفع المزيد للوصول إلى السوق الأميركية الضخمة، كما نجح في فتح بعض الأسواق التي كانت مغلقة سابقاً أمام المُصنّعين الأميركيين.وتجاهل ترامب نصائح معظم الخبراء الاقتصاديين، وقد زعزع بالفعل نظام التجارة الحرة العالمي، وحتى الآن، لم تتحقق الكارثة الاقتصادية العالمية التي توقعها الكثيرون.ولكن نحن ما زلنا في منتصف الطريق، حيث لم تظهر بعد العديد من العواقب المتوقعة لهذه السياسة التجارية الأميركية الجديدة، بما في ذلك ارتفاع الأسعار على المستهلكين الأميركيين، والذي قد يُغضب الناخبين.
الصين مختلفة
يمتلك شي جين بينغ أوراقاً قوية ليستخدمها ضد ترامب، ولا يخشى من استعداء ترامب والمخاطرة بخسارة مظلته العسكرية، فهو لا يحتاج إلى الدعم العسكري الأميركي مثل الاتحاد الأوروبي.كما أن للصين أوراقاً للعب يمكن أن تُبقي الاقتصاد الأميركي رهينة، بما في ذلك هيمنتها على إنتاج المعادن الأرضية النادرة المستخدمة في تصنيع كل شيء من الهواتف الذكية إلى الأقمار الصناعية.ومن الواضح أن قادة الصين يفهمون السياسة الأميركية جيداً الآن، وقد استنتجوا بالفعل أنهم إذا واجهوا ترامب فسيتراجع.الصين لا تريد حرباً تجارية بالطبع، واقتصادها يعاني مشكلات، ولكن نظامها السياسي مستقر، ما يعني أن شي جين بينغ قادر على فرض المزيد من الأعباء على الشعب الصيني، أكثر من قدرة ترامب على إلحاق الأذى بالأميركيين.يرى بروس ستوكس، الزميل الزائر في صندوق مارشال الألماني، أن رغبة ترامب في زيارة بكين في وقتٍ لاحق من هذا العام لعقد قمة مع شي جين بينغ قد تكون حاسمة.قال ستوكس: «أعتقد أن ترامب يرغب في فرصة مواجهة حاكم بكين وجهاً لوجه، لأنه يعتقد أنه قادر على إبرام الصفقات»، ولكن شي جين بينغ لن يغامر بلقاء غير واضح الملامح مع ترامب، لذا يُفضل أن يصل المفاوضون إلى اتفاق أولاً.
الاحتياج الأميركي
تُقدّر غولدمان ساكس أن ظهور زيادات الأسعار الناتجة عن الرسوم الجمركية في أرفف المتاجر قد يستغرق ما يصل إلى ثمانية أشهر، كما أن العواقب الأخرى ستستغرق وقتاً أيضاً.قد لا تُعوق الرسوم الجمركية النمو الاقتصادي، وقد تتكيف الشركات مع اليقين الجديد بفرض رسوم تتراوح بين 15% و20%، ويمكن تقاسم التكاليف المرتفعة بين المستهلكين والشركات والموردين بطريقة تُخفف من التأثير على الناخبين قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس العام المقبل.لكن تُظهر اتفاقيات الإطار التي أصدرها البيت الأبيض أن النزاعات الرئيسية المُزعجة في الصفقات، مع الاتحاد الأوروبي والمنافسين التجاريين الآخرين، لم تُحل، ما يعني أن هذه الاتفاقيات الهزيلة قد تنهار بسهولة، كما أن بعض الدول، ومنها كندا، لا تبدو مستعدة لعقد اتفاق مع ترامب.كل هذا يُفسّر أهمية التوصل إلى اتفاق حقيقي مع الصين، وبكين تُدرك ذلك، لذا من غير المرجح أن تستسلم بسهولة.(ستيفن كولينسون، CNN)