هنري فورد: “ابن الفلاحين” الذي أحدث ثورة عالمية من قلب صناعة الميكانيكا

تحل اليوم الـ30 من يوليو عام 1863 ذكرى ميلاد هنري فورد الذي وُلِد في مزرعة بسيطة في «دييربورن» بولاية ميشيغان الأميركية لعائلة من أصول أيرلندية.
رغم الحياة الريفية واحتياجات المزرعة، لم يجد فورد نفسه في الزراعة، فكانت أمه هي الداعم الأول له حين شجّعته على استكشاف المهن التي تناسب ميوله.
هنري فورد من عامل بسيط إلى كبير المهندسين
عمل فورد في بداياته في ورش الميكانيكا، واكتسب منها خبرة عملية فريدة. لاحقاً، التحق بشركة «ديترويت إديسون» للطاقة، حيث أظهر كفاءة كبيرة قادته إلى أن يصبح كبير المهندسين في غضون سنوات قليلة. وفي وقت فراغه، كان يعمل على تطوير سيارة صغيرة بمحرك يعمل بالبنزين، وهو ما أسفر عام 1896 عن أول سيارة صممها بالكامل بنفسه وسماها «Quadricycle».رغم النجاح الأولي، لم تكن الأمور سهلة. حاول فورد تأسيس شركته الخاصة عدة مرات في تسعينيات القرن التاسع عشر، لكنها باءت بالفشل بسبب نقص التمويل، أو ضعف ثقة المستثمرين في مشروعه الجديد وغير المألوف حينذاك.شرارة الفكرة: هنري فورد من مصنع اللحوم إلى خط التجميعخلال زيارة لأحد مصانع اللحوم في شيكاغو، لاحظ فورد كيف كانت القطع تمر على العمال عبر سير متحرك، بحيث يؤدي كل عامل مهمة محددة، ما أدّى إلى كفاءة عالية في الإنتاج. كانت هذه اللحظة حاسمة، استلهم فورد من هذه التقنية فكرة «خط التجميع»، التي طبّقها لاحقاً في صناعة السيارات لتصبح حجر الزاوية في الإنتاج الصناعي الحديث.
تأسيس شركة فورد للسيارات
في عام 1903، وبعد عدة محاولات فاشلة، أسس فورد أخيراً شركة فورد موتور Ford Motor بدعم مجموعة من المستثمرين، وكان عمره حينها 40 عاماً. بدأ بإنتاج سيارات صغيرة وعملية، لكن الانطلاقة الحقيقية جاءت مع إطلاق طراز Model T عام 1908، وهي سيارة صُممت لتكون ميسورة التكلفة ومناسبة للطبقة المتوسطة.وبفضل تطبيقه لنظام خط التجميع عام 1913، تمكّن من خفض وقت إنتاج السيارة من 12 ساعة إلى نحو 90 دقيقة فقط، وهو ما جعل تكلفة الإنتاج أقل وسعر البيع أرخص، فازداد الطلب بشكل هائل.
تحديات ومواقف مفصلية
واجه هنري فورد العديد من التحديات، أبرزها مقاومة السوق لفكرة السيارات في بدايتها، واتهامه بالجهل لعدم حصوله على تعليم جامعي. كما اصطدم مراراً مع النقابات العمالية، واتُهم أحياناً بالتسلط وفرض الرقابة الأخلاقية داخل شركته، لكنه تجاوز هذه الانتقادات باتباع سياسات غير مسبوقة في وقته، مثل رفع الحد الأدنى للأجور إلى 5 دولارات يومياً عام 1914، وهي خطوة جذبت آلاف العمال الأكفاء ورفعت من إنتاجية المصنع.أيضاً، كان لفورد مواقف مثيرة للجدل في السياسة، أبرزها محاولته لعب دور الوسيط في الحرب العالمية الأولى بإرسال سفينة سلام إلى أوروبا، في مهمة فشلت لكنها كشفت عن طموح عالمي للرجل.
إرث هنري فورد
توفي هنري فورد في 7 أبريل 1947 عن عمر ناهز 83 عاماً، وترك وراءه شركة أصبحت من أكبر منتجي السيارات في العالم، وثورة صناعية مستمرة حتى اليوم، لم يكن مجرد رجل أعمال ناجح، بل رمزاً للتحول من الحلم البسيط إلى إنجاز عالمي، ومن مزرعة متواضعة إلى قمة الاقتصاد الحديث.