ترامب وأوروبا: اتفاقية طاقة تتعارض مع مؤشرات السوق

أجمع عدد من محللي قطاع الغاز الطبيعي على أن اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الذي سيستورد الاتحاد بموجبه التكتل ما مجموعه 750 مليار دولار من الغاز الطبيعي المسال الأميركي والنفط والوقود النووي خلال السنوات الثلاث المقبلة، يعد التزاماً غير واقعي في ظل ظروف السوق الحالية.كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أعلنا خلال الأسبوع الحالي التوصل إلى اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، حيث بموجب الاتفاق سيستورد التكتل ما مجموعه 750 مليار دولار من الغاز الطبيعي المسال الأميركي والنفط والوقود النووي خلال السنوات الثلاث المقبلة، وفقاً لبيان صادر عن فون دير لاين وناطق باسم الاتحاد الأوروبي.
يقول تشارلز كوستيروس محلل بيانات سوق الغاز لدى كبلر، لـ«CNN الاقتصادية»، إن الاتفاق المُعلن التزام قوي من الاتحاد الأوروبي بشراء ما قيمته 750 مليار دولار من صادرات الطاقة الأميركية على مدى ثلاث سنوات أو 250 مليار دولار سنوياً يعد التزاماً غير واقعي في ظل ظروف السوق الحالية، حيث بلغ إجمالي مشتريات دول الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين من النفط والغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال والفحم الأميركي نحو 80.5 مليار دولار عام 2024، مما يعني أن الاتحاد الأوروبي سيجد صعوبة في تحقيق هدف الـ 250 مليار دولار، حتى مع الأخذ في الاعتبار إمكانية رفع أوروبا لمستوى وارداتها من الولايات المتحدة».وأضاف كوستيروس، أنه «بناءً على توقعاتنا لسعر الغاز الطبيعي الأوروبي البالغ 12.4 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لعام 2025 و10.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لعام 2026، نتوقع أن تبلغ صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركي إلى أوروبا ما بين 37 و41 مليار دولار سنوياً، بافتراض حصة سوقية تتراوح بين 55 و60%».ويقول محلل بيانات سوق الغاز لدى كبلر، إنه مع افتراض الحصة السوقية لأوروبا من الغاز المسال الأميركي، هذا يعني أن قيمة واردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة ستحتاج إلى زيادة ستة أضعاف لتحقيق هدف الشراء البالغ 250 مليار دولار سنوياً، مع ثبات جميع التدفقات التجارية الأخرى، وحتى بافتراض أن جميع الغاز الطبيعي المسال قادم من الولايات المتحدة، فإن إجمالي أحجام الواردات سيظل بحاجة إلى أكثر من ثلاثة أضعاف للوصول إلى الهدف المذكور.ويرى كوستيروس، أنه قد يكون هناك ارتفاع في الأسعار في الفترة 2026-2027، عندما تدخل خطة الاتحاد الأوروبي للإلغاء التدريجي لعقود الغاز الروسية الفورية وقصيرة الأجل حيز التنفيذ، ولكن جزءاً كبيراً من هذا الارتفاع محسوب بالفعل في توقعات كبلر إنسايت، حيث ستعوّض حصة كبيرة من الإمدادات الأميركية الخسائر الناجمة عن التدفقات الروسية، إلى جانب ارتفاع الطلب الشتوي، وامتلأ التخزين بكامل سعته بحلول نهاية أكتوبر 2026، ومع توقع انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال في ظل زيادة العرض العالمي، فإن الوصول إلى 250 مليار دولار سيتطلب ارتفاعاً كبيراً في الأحجام.وحسب محلل بيانات سوق الغاز لدى كبلر، فانه بجانب التحديات الفنية والتجارية، لا يمكن للاتحاد الأوروبي إلزام مصافي التكرير المحلية قانونًا بشراء النفط أو الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة ما لم يُقنن هذا الشرط في قانون، الأمر الذي من المرجح أن يواجه تحديات قانونية وسوقية بموجب قواعد المنافسة والمشتريات في الاتحاد الأوروبي، ونظراً لأن معظم مصافي التكرير الأوروبية مملوكة للقطاع الخاص وتعتمد على التوجهات التجارية، فإن قرارات الشراء لديها تُوجَّه في المقام الأول بالاعتبارات الاقتصادية، مثل توافق النفط الخام، وتكاليف الشحن، وهوامش التكرير، بدلاً من التعهدات السياسية، ودون حوافز مالية أو تفويضات تنظيمية، سيعتمد التحول الطوعي نحو الإمدادات الأمريكية على مزايا تجارية واضحة.ويقول روس ويينو، محلل الغاز الطبيعي المسال في «إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس»، «نظراً لفترة الثلاث سنوات المذكورة في الاتفاق غير الرسمي، نفترض أن جزءاً كبيراً من قيمة 750 مليار دولار من مشتريات الطاقة الأميركية سيتعين أن يشمل مبيعات إضافية في السوق الفورية والقصيرة الأجل. فالإطار الحالي، كما هو قائم، لا يشجع بالضرورة على توقيع عقود طويلة الأجل».يأتي اتفاق التجارة الأميركي الأوروبي في وقت وصلت فيه أسعار الغاز الطبيعي المسال الأوروبية إلى أدنى مستوياتها الأخيرة، حيث فقد قدرت «بلاتس»، التابعة لـ«كوموديتي إنسايتس»، مؤشر الغاز الطبيعي المسال «DES شمال غرب أوروبا» عند 10.818 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 25 يوليو، وهو أدنى مستوى منذ 14 مايو، بينما ارتفع السعر لاحقاً إلى 10.987 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 28 يوليو.وقدرت «بلاتس» مؤشر الساحل الخليجي للشحنات الأمريكية (FOB) المحملة قبل 30 إلى 60 يوماً عند 10.14 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 28 يوليو، مرتفعاً 12 سنتاً عن التقدير السابق.ويتوقع محللو «كوموديتي إنسايتس» أن يكون تأثير الاتفاق صعودياً في الغالب على أسعار الغاز والغاز الطبيعي المسال العالمية، استناداً إلى معنويات السوق الإيجابية وتوقعات بأن المحادثات تسير في مسار تقدمي قبل الموعد النهائي الذي حدده ترمب في الأول من أغسطس لفرض رسوم جمركية كبيرة ما لم يتم التوصل إلى اتفاقيات تجارية جديدة.