إقالات تاريخية في وول ستريت.. أعلى نسبة لرحيل المديرين التنفيذيين منذ عقدين

تُظهر البيانات أن الشركات الأميركية تطيح بالرؤساء التنفيذيين بأسرع وتيرة منذ عقدين، مع تزايد التدقيق من قبل المساهمين ومجالس الإدارة، ما أدى إلى تراجع مستوى التسامح مع الأداء الضعيف أو السلوك المنحرف.
أعلنت شركة بروكتر آند غامبل، المتخصصة في المنتجات الاستهلاكية وصاحبة علامات مثل «تايد» و«باونتي»، يوم الاثنين، أن الرئيس التنفيذي جون مويلر سيُستبدل العام المقبل بالمدير التنفيذي المخضرم شايلش جيجوريكار.
وسيشغل مويلر منصب رئيس مجلس الإدارة التنفيذي، وهو منصب مؤثر يسمح له بالاحتفاظ بصوته القوي في شؤون الشركة. حالات أخرى لافتة خلال أسابيع قليلةقبل ذلك، وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية فقط، استبدلت شركة «كينفيو» المصنعة لدواء «تايلينول» رئيسها التنفيذي، كما أعلنت شركة توزيع المنتجات الصحية «هنري شاين» أن رئيسها التنفيذي سيغادر بنهاية العام. وفي مقابلات أجريت مع أكثر من عشرة من مسؤولي التوظيف والمستثمرين والمصرفيين والمحامين والمستشارين، عُزي هذا المعدل المرتفع من التغييرات إلى مجموعة من العوامل، بعضها تراكم منذ التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أعقبت جائحة كوفيد-19.أثر الضغوط الاقتصادية وتغيرات السوقفي ظل التضخم المرتفع وعدم الاستقرار الجيوسياسي والحرب التجارية التي أطلقتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أصبح دور الرئيس التنفيذي أكثر تعقيداً، في الوقت الذي أصبحت فيه المجالس أكثر استقلالية وتطلباً، مدفوعة بمكاسب التنوع في تركيبتها. وفي الوقت نفسه، وفي ظل سوق أسهم يسجل مستويات قياسية جديدة مدفوعاً بارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، أدى الأداء الضعيف إلى منح المستثمرين النشطاء الذين يطالبون بتغييرات في الشركات مثل بيع وحدات أو إعادة شراء الأسهم تأثيراً أكبر، ما أدى إلى تغييرات في الإدارات العليا.إقالة الرئيس التنفيذي أصبحت آلية ضغط استراتيجيةقال بيتر دا سيلفا فينت، الشريك الإداري في شركة الاستشارات «جاسبر ستريت»، التي تعمل مع شركات تتعرض لضغوط من مستثمرين نشطاء إن محاولة إقالة الرئيس التنفيذي أصبحت بمثابة استفتاء على استراتيجية يُنظر إليها على أنها فاشلة، مضيفاً أن المستثمرين أصبحوا أكثر ارتياحاً لاستخدامها كآلية لإرسال رسالة. وفقاً لدراسة نُشرت في نوفمبر وقادتها مجموعة «ذا كونفرنس بورد»، فإن نحو 42% من الشركات التي غيرت قادتها ضمن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» العام الماضي كانت ضمن الـ25% الأضعف من حيث العائد الإجمالي للمساهمين. حالة دراسية للتغيير تحت الضغطأعلنت شركة «كينفيو» أنها استبدلت الرئيس التنفيذي تيبو مونغون «لتحقيق قيمة أفضل للمساهمين وتحقيق الإمكانات الكاملة»، وذلك بعد أن خسرت الشركة 16.5% من قيمتها السوقية منذ انفصالها عن «جونسون آند جونسون» قبل عامين، في حين ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 41% منذ أغسطس 2023.واتخذت «كينفيو» قرار التغيير بعد ضغوط من ثلاثة صناديق تحوط أميركية ستاربورد فاليو، تومز كابيتال، وثيرد بوينت حيث حصل الرئيس التنفيذي لستاربورد، جيفري سميث، على مقعد في مجلس الإدارة في مارس بعد تسوية المعركة الانتخابية بين الطرفين.لكن الصراع لم ينته بعد؛ إذ لا تزال الصناديق الأخرى تضغط من أجل مزيد من التغييرات، بما في ذلك بيع أصول وربما بيع الشركة بالكامل، وفقاً لمصادر مطلعة.ثقة المستثمرين في الرئيس التنفيذي الجديدقالت المصادر إن وجود رئيس تنفيذي جديد يعزز ثقة المستثمرين بأن بيع الشركة سيكون الخطوة القادمة. ولم تُعلّق «كينفيو» على الأمر، فيما تعذّر التواصل مع مونغون ولم ترد صناديق التحوط على طلبات التعليق.قال البروفيسور جيسون شلوتزر، المتخصص في حوكمة الشركات في جامعة جورجتاون: «المستثمرون النشطاء يشعرون بأنهم أكثر قوة، وإذا اشتروا خطة الشركة على مدى خمس سنوات، فإنهم يريدون من ينفذها»، مضيفاً: إذا لم يكن الرئيس الحالي قادراً على ذلك، سيبحثون عن البديل.وقال خبراء حوكمة الشركات إن التغييرات في تركيبة مجالس الإدارة خلال العقد الماضي، نتيجة التركيز على التنوع، لعبت أيضاً دوراً في التغييرات الجذرية في القيادة، وأضافوا أن هذه المجالس أصبحت أكثر استقلالاً وتُبقي الرؤساء التنفيذيين تحت رقابة أكثر صرامة.رؤية جديدة لأعضاء المجالس الجددقال جيسون بومغارتن، رئيس قسم التوظيف العالمي لمجالس الإدارة والرؤساء التنفيذيين في شركة التوظيف «سبنسر ستيوارت»: الأعضاء الجدد يتمتعون بمزيد من الموضوعية مقارنة بالأجيال السابقة. هناك أيضاً عامل آخر يسهم في ارتفاع معدل مغادرة الرؤساء التنفيذيين: انخفاض مستوى التسامح مع السلوك غير الأخلاقي، خاصة بعد حركة «مي تو». وأدى الجدل حول سلوك شخصي إلى مغادرة اثنين من الرؤساء التنفيذيين في شركات مدرجة بمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، في «كروغر» و«كولز». ولم ترد الشركات على طلبات التعليق، كما تعذر التواصل مع التنفيذيين السابقين.(رويترز)