الأمم المتحدة: “أسوأ حالة مجاعة” تتعرض لها غزة

بينما يتدافع الأطفال في طوابير طويلة للحصول على وجبة ساخنة في مطبخ خيري بمنطقة المواصي في خان يونس جنوب قطاع غزة، تُطلق مبادرة الأمن الغذائي العالمية المدعومة من الأمم المتحدة تحذيراً هو الأقوى منذ بدء الحرب، وهو «أسوأ سيناريوهات المجاعة يتحقق فعلياً في غزة».
وأشارت الآلية إلى تزايد الأدلة التي تؤكد أن الجوع المنتشر، وسوء التغذية، والأمراض، باتت تتسبب بارتفاع في الوفيات المرتبطة بالجوع، خصوصاً بين الأطفال.ورغم أن هذا التنبيه لا يُصنّف رسمياً كمجاعة وفق المعايير التقنية المعتمدة، فإن آلية التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي شددت على ضرورة إجراء تحليل جديد «دون أي تأخير» بناءً على المعطيات الأخيرة.
بين أبريل نيسان ومنتصف يوليو تموز فقط، جرى إدخال أكثر من 20 ألف طفل لتلقي علاج سوء التغذية الحاد، من بينهم أكثر من 3,000 طفل يعانون حالات شديدة، بحسب الآلية.وأظهرت البيانات أن معظم مناطق غزة وصلت فعلياً إلى «عتبة المجاعة» من حيث استهلاك الغذاء، في حين تجاوزت مدينة غزة هذه العتبة في معدلات سوء التغذية الحاد.
الأمم المتحدة: “أسوأ سيناريو للمجاعة” يحدث في غزة (الأمم المتحدة)
تحولات في الموقف الأميركي.. اعتراف واضح بالجوع
في موقف لافت يعكس تحولاً ملحوظاً في الخطاب الأميركي، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن «هناك جوعاً حقيقياً في غزة»، مضيفاً «هذا ليس شيئاً يمكن تزويره، أنا أراه.. وسنزيد تدخلنا». وأعلن ترامب أن بلاده ستبدأ بإنشاء «مراكز غذائية» في القطاع لتوزيع المساعدات مباشرة، في خطوة تُعدّ الأوضح حتى الآن من واشنطن للاعتراف بحجم الأزمة الإنسانية.نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، بدوره علّق على صور الأطفال الذين يعانون المجاعة قائلاً «هذه حالات مفجعة لأطفال واضح تماماً أنهم يموتون من الجوع»، وأضاف: «يجب على إسرائيل السماح بدخول المساعدات بشكلٍ أكبر».ورغم استمرار الانتقادات الدولية، أعلنت إسرائيل وقفاً تكتيكياً يومياً للعمليات العسكرية في ثلاث مناطق بغزة بهدف تسهيل إدخال المساعدات. غير أن هذه الخطوة، التي وُصفت بأنها محاولة لدحض مزاعم التجويع المتعمد، لم تقنع منظمات الإغاثة التي تؤكد أن الوضع لا يزال كارثياً، مشيرة إلى أن عمليات الإسقاط الجوي التي سمحت بها إسرائيل تبقى «خطيرة ومحدودة وغير فعّالة»، بحسب توصيف الأمم المتحدة.
أرقام صادمة ومخاوف من الأسوأ
في موازاة التحذيرات الغذائية، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى في القطاع تجاوز 60 ألفاً منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، بينهم 113 شخصاً قُتلوا خلال الساعات الـ24 الأخيرة فقط. وتشير الوزارة، التي لا تميز بين المدنيين ومقاتلي حماس، إلى أن أغلب الضحايا هم من النساء والأطفال، ويُعتقد أن آلاف الجثث ما زالت تحت الأنقاض. بدأت العملية الإسرائيلية عقب هجوم حماس في 7 أكتوبر تشرين الأول 2023، الذي أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص في إسرائيل وخطف نحو 250 آخرين. ومنذ ذلك الحين، تصاعدت حدة العمليات العسكرية، وسط اتهامات من منظمات حقوقية إسرائيلية للحكومة بارتكاب «إبادة جماعية».
منظمات إسرائيلية تكسر الصمت.. إبادة ممنهجة
اتهمت منظمتان حقوقيتان إسرائيليتان، هما «بتسيلم» و«أطباء من أجل حقوق الإنسان إسرائيل»، الحكومة الإسرائيلية بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة. وأكدت «بتسيلم» أنها توصلت إلى هذا الاستنتاج «بعد تحليل السياسات الإسرائيلية ونتائجها الكارثية»، في حين نشرت منظمة الأطباء تقريراً قانونياً وطبيبياً يتهم إسرائيل بـ«تدمير ممنهج ومتعمد للنظام الصحي في القطاع».في المقابل، رفض المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية هذه الاتهامات، قائلاً «لدينا حرية تعبير، لكننا نرفض هذه الادعاءات بشدة».الجدير بالذكر، كانت آلية التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي قد حذّرت في مايو أيار الماضي من أن قطاع غزة بأكمله يواجه مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وأن خطر المجاعة مرتفع جداً.ومع استمرار الحصار وتدمير البنية التحتية، وتضييق فرص الوصول إلى الغذاء، والمياه، والرعاية الصحية، بات الجوع اليوم أحد أبرز وجوه الحرب، في ظل غياب واضح لأي أفق لحل سياسي أو تهدئة.