الاقتصاد العالمي في 2025: استقرار هش في ظل غموض مستمر

رغم التحديات الجيوسياسية وتصاعد التوترات التجارية، يظهر الاقتصاد العالمي صموداً نسبياً، لكنّ هذا الصمود يبقى هشاً ومشروطاً بعوامل كثيرة أبرزها السياسات التجارية وأسعار الفائدة وتطورات أسعار السلع الأساسية.
تحسن طفيف بالتوقعات يخفي تفاوتاً بين الاقتصادات
يشير التقرير إلى أن التحسن في التوقعات يعكس عدة عوامل أبرزها: تراجع متوسط الرسوم الجمركية الفعلية في الولايات المتحدة عن النسب المُعلنة في أبريل، وتحسن الظروف المالية العالمية بسبب ضعف الدولار، وتوسيع السياسات المالية في بعض الاقتصادات الكبرى، منها الولايات المتحدة وألمانيا والصين.
مخاطر كبيرة تهدد النمو العالمي
لا تزال التوقعات تواجه مخاطر متعددة، أبرزها: احتمال ارتفاع الرسوم الجمركية مجدداً في حال فشلت المفاوضات التجارية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية (خصوصاً في الشرق الأوسط وأوكرانيا)، ما قد يرفع أسعار السلع ويعطل سلاسل الإمداد، وذلك مع اتساع العجز المالي في دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا والبرازيل، ما قد يدفع أسعار الفائدة طويلة الأجل للارتفاع ويزيد من اضطراب الأسواق.على الجانب الإيجابي، يشير التقرير إلى أن التوصل لاتفاقات تجارية شاملة ودائمة يمكن أن يُنعش النشاط الاقتصادي ويقلص حالة عدم اليقين.
أداء متباين بين الدول الكبرى
في الولايات المتحدة، يتوقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 1.9% في 2025 و2.0% في 2026، مدعوماً بحوافز قانون «One Big Beautiful Bill Act» رغم تباطؤ الطلب الخاص.وفي منطقة اليورو، رفع صندوق النقد توقعاته للنمو إلى 1.0% في 2025 و1.2% في 2026، مع مساهمة ملحوظة من صادرات الأدوية في أيرلندا، والتي تُخفي ضعفاً عاماً في الطلب الاستهلاكي الأوروبي.أما في الصين، فقد رفع الصندوق التوقعات إلى 4.8% في 2025 و4.2% في 2026، بفضل قوة الصادرات وانخفاض الرسوم الجمركية من جانب الولايات المتحدة.وفي الهند، توقع الصندوق أن تستمر الهند في قيادة الاقتصادات الناشئة بنمو يبلغ 6.4% في كل من 2025 و2026.
التضخم.. تراجع تدريجي رغم ضغوط الرسوم الجمركية
يتوقع الصندوق أن ينخفض معدل التضخم العالمي إلى 4.2% في 2025 و3.6% في 2026، مدفوعاً بانخفاض أسعار الطاقة وتباطؤ الطلب. لكن هذا الانخفاض لا يشمل جميع الدول، إذ يُتوقع أن تظل الولايات المتحدة فوق مستوى التضخم المستهدف بسبب آثار الرسوم الجمركية وضعف الدولار، في حين يُتوقع تراجع الضغوط التضخمية في أوروبا والصين.
التجارة العالمية.. صعود ثم هبوط؟
يرى الصندوق أن الطفرة التجارية التي شهدها العالم في النصف الأول من 2025 نتيجة «الاستيراد المسبق» تحسباً لارتفاع الرسوم الجمركية، لن تستمر، إذ من المتوقع أن تتراجع التجارة في النصف الثاني من العام؛ ما يؤثر على النمو المتوقع في 2026.
توصيات الصندوق
يحث صندوق النقد الدولي الحكومات حول العالم على: الحد من الغموض في السياسات التجارية من خلال اتفاقات واضحة وشفافة، واستعادة الحيز المالي من خلال إصلاحات ضريبية وزيادة كفاءة الإنفاق.كما يحث الصندوق الحكومات على التعامل بحذر مع التضخم، خاصة في الدول التي تواجه صدمات عرض ناجمة عن فرض الرسوم الجمركية. ويطالب الصندوق الحكومات بدعم الاستقرار المالي، من خلال سياسات احترازية قوية واستقلالية البنوك المركزية. كما يطالب بتسريع الإصلاحات الهيكلية، لتحسين إنتاجية الاقتصادات وتعزيز النمو على المدى الطويل، بما في ذلك الاستثمار في التعليم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
العالم بحاجة إلى حلول طويلة الأمد
رغم التحسن المؤقت في بعض مؤشرات الاقتصاد العالمي، يؤكد تقرير صندوق النقد الدولي أن هذا الصمود يبقى هشاً، ويعتمد على تراجع التوترات التجارية، واستقرار الأسواق المالية، واستمرار الإصلاحات الهيكلية، فبدون معالجة الأسباب الجذرية للاختلالات الاقتصادية العالمية، تبقى آفاق النمو معرضة للاضطراب في أي لحظة.