«فاتورة ترامب» تُشكل خطرًا على الفقراء وتتسبب في إغلاق آلاف المتاجر

في قلب مدينة صغيرة بولاية ألاباما، إذ تعتمد متاجر البقالة المحلية على الزبائن ذوي الدخل المحدود للبقاء، جاءت فاتورة «واحدة وجميلة» «One Big Beautiful Bill Act» التي وقّعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الشهر، لتقلب الطاولة، بقلم ناثانيال مايرسون، من الـCNN.لم تكن مجرد تشريع جديد بل صفعة لبرنامج «سناب» الذي يشكل شريان حياة لملايين الأميركيين، من العائلات الفقيرة إلى المتاجر الصغيرة التي بالكاد تغطي تكاليفها.
تخفيضات تاريخية تهدد 42 مليون مستفيد
يشمل قانون الفاتورة الواحدة الكبيرة والجميلة أكبر تقليص في تمويل برنامج المساعدات الغذائية سناب SNAP، الذي كان يُعرف سابقاً بطوابع الغذاء، منذ تأسيسه قبل 86 عاماً، ما يُهدد المساعدة التي يتلقاها أكثر من 42 مليون شخص في أميركا، بمعدل 6.16 دولار يومياً للفرد.خفض التمويل بهذا الشكل لا يؤثر فقط على المستفيدين، بل يعصف بأساس اقتصادي محلي كامل، بدءاً من المزارعين، ومروراً بالموزعين والمصانع، ووصولاً إلى محال البقالة والمجمعات الصغيرة، خصوصاً في المناطق الريفية.
في ولاية ألاباما، يقول صاحب متجر رايت «Wright’s Market»، جيمي رايت، إن نحو ثلث مبيعات متجره تعتمد على زبائن يستخدمون بطاقات سناب، مشيراً إلى أن البرنامج «ليس مجرد وسيلة دعم، بل محركاً اقتصادياً حيوياً لصناعة الغذاء بالكامل».ورغم أن المتاجر الكبرى مثل وول مارت Walmart وكروغرKroger قادرة على امتصاص الصدمة، فإن المتاجر الصغيرة المستقلة، التي تمثل الواجهة الوحيدة للخدمات الغذائية في كثير من المناطق الريفية، هي الأكثر عرضة للانهيار نتيجة هذه التخفيضات. أشارت دراسة صادرة عن مركز التقدم الأميركي إلى أن نحو 27 ألف متجر، أغلبها في المناطق الريفية الفقيرة، ستتأثر بشكل مباشر من هذه القرارات.
(CNN) فاتورة ترامب “الجميلة” تهدد بإغلاق متاجر البقالة في أميركا
يرى اقتصاديون بارزون في برنامج سناب أحد أكثر أدوات الحماية الاجتماعية فاعلية، لأنه يتوسع تلقائياً في الأزمات الاقتصادية، ويوجه الدعم بشكل مباشر إلى الاستهلاك المحلي.وفي عام 2023 وحده، شكّل برنامج سناب نحو 124 مليار دولار من المبيعات في 262 ألف متجر، ذهب نصفها إلى المتاجر الكبرى، وربعها إلى المتاجر المستقلة الصغيرة، ما يعكس مدى عمق تأثيره في الاقتصاد الحقيقي.يقدّر الرئيس التنفيذي لسلسلة متاجر آي جي إيه IGA المستقلة، جون روس، أن تمويل سناب قد يُخفض بنسبة 5 إلى 6% على المدى القصير، و8 إلى 9% على المدى الطويل، مشيراً إلى أن هذه النسب قد تُحدث الفارق بين استمرار المتاجر أو إفلاسها.وحذّر من أن استمرار هذا التوجه سيخلق «صحارى غذائية» جديدة، سواء في المدن الكبرى أو القرى النائية، أي مناطق تخلو تماماً من أي محال غذائية تقدم خيارات صحية أو بأسعار معقولة.
تأثيرات مضاعفة.. من الأسعار إلى الوظائف
لا تتعلق التحذيرات فقط بإغلاق متاجر، بل تمتد إلى تأثيرات اقتصادية أوسع. وزارة الزراعة الأميركية أكدت أن كل 5 دولارات يتم إنفاقها عبر برنامج سناب تخلق ما يصل إلى 9 دولارات من النشاط الاقتصادي المحلي.أما دراسة أخرى صادرة عن جامعة كاليفورنيا، ديفيس، فأوضحت أن برنامج سناب يعزز التوظيف، والمبيعات، وحتى رواتب العاملين في قطاعات الأغذية.لكن مع بدء خفض التمويل، يُتوقع أن تضطر المتاجر الصغيرة إلى رفع الأسعار أو تقليص الوظائف، وهناك تقديرات تشير إلى إمكانية فقدان نحو 143 ألف وظيفة في الزراعة والتجزئة ومعالجة الأغذية.يقول الجمهوريون إن الهدف من التشريع الجديد هو «إعادة الانضباط» للبرنامج، من خلال توسيع شروط العمل المطلوبة للحصول على الدعم، لتشمل الأهل الذين لديهم أطفال فوق 13 عاماً، وكذلك الأفراد بين 55 و64 عاماً.رئيس لجنة الزراعة في مجلس النواب، النائب الجمهوري جي. تي. تومبسون، صرّح بأن التغييرات ستدفع الناس إلى العمل، ما يعني زيادة الدخل وزيادة الاستهلاك، وبالتالي فائدة للمتاجر.لكن دراسات متعددة أظهرت أن اشتراطات العمل لا تؤدي فعلياً إلى رفع معدلات التوظيف، بل تؤدي إلى إخراج مستحقين فعليين من دائرة الدعم.