كويكب يتجنب الاصطدام بالأرض لكنه قد يضرب القمر.. ما هو تأثيره على الكرة الأرضية؟

بينما تنفست الأرض الصعداء بعد استبعاد احتمال اصطدام كويكب ضخم بها، تتجه الأنظار الآن نحو هدف محتمل آخر: القمر، علماء الفلك يستبعدون اصطدام كويكب 2024 YR4 بالأرض، لكن الخطر لم ينتهِ بعد، الكويكب قد يرتطم بالقمر في عام 2032، ما قد يؤدي إلى انفجار هائل وزخّات نيزكية تصل إلى الأرض وتهدد الأقمار الصناعية، فهل العالم مستعد لمثل هذا السيناريو النادر؟
لكن بعد سلسلة من الرصدات باستخدام التلسكوبات الأرضية والفضائية، تمكّن العلماء من تحديد مداره بدقة أكبر، ما أدى إلى استبعاد سيناريو الاصطدام بالأرض، إلا أن البيانات الجديدة تشير إلى أن الكويكب قد يصطدم بالقمر في نهاية عام 2032.
تشير وكالة ناسا إلى أن الأرض لن تتعرض لأي خطر مباشر إذا اصطدم الكويكب بالقمر، لكن التأثير قد يُعرّض البعثات الفضائية المستقبلية على سطح القمر للخطر، وكذلك الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض.وفي حال حدوث الاصطدام، قد يؤدي ذلك إلى تطاير ملايين الكيلوغرامات من الغبار والصخور القمرية بسرعات هائلة، بعضها قد يصل إلى الأرض بعد أيام أو أسابيع على شكل زخات نيزكية، يقول الدكتور بول ويغرت، أستاذ الفلك في جامعة ويسترن بكندا: «قد نرى ومضة لامعة في السماء تُشاهد بالعين المجردة لعدة ثوانٍ، إنها فرصة نادرة».انفجار بحجم «قاتل مدن»تشير التقديرات إلى أن قطر الكويكب يبلغ نحو 60 متراً، وهو ما يصنّفه العلماء ضمن فئة «قتلة المدن» -أي الأجسام التي يمكن أن تُحدث دماراً إقليمياً واسع النطاق- وبالمقارنة، كان الكويكب الذي قضى على الديناصورات قبل 66 مليون عام يبلغ نحو 10 كيلومترات في القطر.إذا ما اصطدم YR4 بالقمر، يُتوقع أن يُحدث فوهة بقطر كيلومتر واحد تقريباً، أي بحجم «فوهة نيزك أريزونا» الشهيرة، ووفقاً للدراسات فإن هذا سيكون أكبر اصطدام يشهده سطح القمر منذ 5000 عام.يُطلق العلماء مصطلح «قاتل مدن» (City Killer) على الكويكبات التي يقل قطرها عن كيلومتر، لكنها لا تزال كبيرة بما يكفي لإحداث دمار واسع النطاق إذا اصطدمت بالأرض، هذه الكويكبات قد تُحدث انفجارات تعادل مئات القنابل النووية، وتكون قادرة على تسوية مدينة بأكملها بالأرض، يُقدّر قطر الكويكب YR4 بنحو 60 متراً، ما يجعله ضمن هذه الفئة الخطرة.وقد سبق أن شهدت الأرض حادثة مشابهة عام 2013 عندما انفجر كويكب صغير فوق مدينة تشيليابينسك الروسية، مسبباً إصابة أكثر من 1500 شخص وتحطيم نوافذ آلاف المباني، رغم أن قطره لم يتجاوز 20 متراً فقط، الأمر الذي يوضح مدى خطورة كويكبات «قاتلة المدن» حتى إن لم تصطدم مباشرة بالأرض.تهديد محتمل للأقمار الصناعيةرغم أن الاصطدام لن يُلحق أضراراً مباشرة بالأرض، فإن حبيبات الغبار القمري –والتي تتراوح أحجامها بين 0.1 و10 ملم– قد تُشكّل خطراً على الأقمار الصناعية، كونها تسير بسرعات تفوق الرصاصة، ويقول الخبراء إن بعض الأقمار قد تتعرض لما يعادل 10 سنوات من «الاحتكاك الفضائي» في غضون أيام.هل يمكن التصدي للكويكب؟حتى الآن، لا توجد خطط واضحة لاعتراض الكويكب أو حرف مساره، ولكن تجربة وكالة ناسا السابقة في 2022، عندما نجحت في تغيير مدار كويكب «ديمورفوس» عبر الاصطدام المتعمد بمسبار «دارت»، أثبتت إمكانية الدفاع الكوكبي، وقد يكون من الممكن تطبيق استراتيجية مشابهة على YR4 في حال تأكد خطر الاصطدام بالقمر.يقول جولين دو ويت، أستاذ علوم الكواكب بمعهد MIT: «إذا أصبح القمر هدفاً محتملاً، فقد نضطر إلى توسيع مفهوم الدفاع الكوكبي ليشمل القمر أيضاً، خاصة مع وجود مشاريع بشرية للبناء والبحث هناك».التحديات في اكتشاف الكويكباترُصد الكويكب YR4 بعد يومين فقط من مروره قرب الأرض في ديسمبر 2024، لأنه اقترب من جهة الشمس، وهي منطقة يصعب على التلسكوبات الأرضية مراقبتها بسبب وهج الضوء، حدث مشابه وقع في روسيا عام 2013، عندما انفجر كويكب صغير فوق مدينة تشيليابينسك، وأدى إلى إصابة 1500 شخص بسبب موجة الصدمة التي كسرت النوافذ.لكن التلسكوبات القادمة مثل NEO Surveyor التابع لناسا (يُتوقع إطلاقه في 2027) وNEOMIR التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (في بداية الثلاثينيات)، قد تُساعد في رصد الكويكبات القادمة من اتجاه الشمس بشكل مبكر.فرصة علمية استثنائيةيعتبر العلماء أن اصطداماً محتملاً مثل هذا سيكون فرصة فريدة لدراسة كيفية استجابة سطح القمر للتصادمات، وقد يساعد في تصميم بنى تحتية أكثر أماناً في المستقبل.سيعود الكويكب YR4 إلى الظهور في مدار يمكن رصده عام 2028، ما يمنح الباحثين فرصة جديدة لتقييم المخاطر، وربما اتخاذ إجراءات وقائية إن لزم الأمر.