من “فستان الانتقام” إلى حقيبة صيفية.. كيف يغير الذكاء الاصطناعي تجربة التسوق؟

بينما يتنافس عمالقة التكنولوجيا على استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة التسوق عبر الإنترنت، تبرز شركة ناشئة تُدعى Daydream برؤية أكثر جرأة، تسعى لتحويل عملية الشراء من مجرد بحث تقليدي إلى تجربة حوارية أشبه بجلسة مع خبير أزياء شخصي، من خلال الجمع بين الذكاء الاصطناعي والفهم العميق لصناعة الموضة، تعِد Daydream بإحداث نقلة نوعية في كيفية اختيار المستهلكين لملابسهم وإكسسواراتهم.
كل من اضطرت للبحث لساعات عبر الإنترنت عن فساتين وصيفات تعلم تماماً كم تكون عملية التسوق الإلكتروني مرهقة، وسط بحر من الخيارات، يصبح العثور على الموديل واللون والمقاس والسعر المناسب مهمة معقدة، وهنا تظهر منصة Daydream، شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، لتقدم حلاً مبتكراً: لماذا لا نبحث عن المنتجات تماماً كما نصفها لصديق مقرّب؟
تأسست الشركة بين نيويورك وسان فرانسيسكو، وتُعد أحدث المنصات التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتبسيط تجربة التسوق الإلكتروني وتخصيصها، الحاجة إلى هذا النوع من الخدمات تتزايد بسرعة، فقد أظهر استطلاع أجرته Adobe Analytics على 5,000 مستهلك أميركي أن 39% استخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي في التسوق خلال العام الماضي، فيما يخطط 53% لاستخدامها هذا العام.منافسة الكبار بخبرة «الموضة»لكن Daydream لا تنافس بجرأة فقط، بل بخبرة عميقة في صناعة التجزئة والأزياء، بحسب مؤسِسة المنصة ومديرتها التنفيذية جولي بورنستاين، التي شغلت مناصب قيادية في شركات كبرى مثل Nordstrom وSephora وStitch Fix، كما سبق لها أن أسّست منصة التسوق المدعومة بالذكاء الاصطناعي The Yes، التي استحوذت عليها Pinterest عام 2022.تقول بورنستاين: «عمالقة التكنولوجيا يفتقرون إلى الشغف والعقليات المطلوبة لجعل الذكاء الاصطناعي يعمل بفعالية في مجال الأزياء، أما أنا فقد قضيت مسيرتي في هذا القطاع وأعرف أن السر في عرض المنتج المناسب للشخص المناسب وسط كتالوج هائل من الخيارات».وقد نجحت الشركة في جمع تمويل بقيمة 50 مليون دولار في أولى جولاتها الاستثمارية، من بينها مساهمات من Google Ventures وعارضة الأزياء كارلي كلوس، مؤسسة مبادرة «Kode With Klossy».كيف تعمل المنصة؟تشبه Daydream إلى حد كبير منسق أزياء رقمي؛ حيث يمكن للمستخدمين إدخال وصفهم الطبيعي لما يبحثون عنه، أو تحميل صورة إلهامية، ليتولى الذكاء الاصطناعي تقديم اقتراحات من أكثر من 8,000 علامة تجارية تتراوح من Uniqlo إلى Gucci.ويمكن للمستخدمين متابعة المحادثة مع المنصة للحصول على بدائل أكثر ملاءمة، كأن يطلبوا خيارات أرخص أو أكثر عصرية، ومع مرور الوقت تتعلم المنصة تفضيلات المستخدم وتخصص اقتراحاتها بناءً على تاريخه في البحث والنقر والحفظ.عند الرغبة في الشراء، يتم توجيه المستخدم إلى موقع العلامة التجارية الأصلي لإتمام العملية، وتأخذ Daydream عمولة على كل عملية بيع تتم عبرها، وعلى عكس كبرى منصات التجارة الإلكترونية، ترفض بورنستاين استخدام الإعلانات المدفوعة لتحديد ترتيب النتائج، مؤكدة أن المنتجات تُعرض فقط إذا كانت مناسبة فعلاً للمستخدم.تقول بورنستاين: «حين بدأت أمازون في الترويج المدفوع، شعرت أنني لم أعد قادرة على معرفة المنتج الجيد فعلاً، نحن نريد أن نربح فقط عندما نقدم للمستخدم ما يناسبه تماماً».التجربة والتطوير المستمرفي تجربة قامت بها CNN مؤخراً على المنصة، أسفر البحث عن «قميص أبيض ضيق بزر للأعمال بدون جيوب» عن قميص قطني من Theory بسعر 145 دولاراً، ومع ذلك لم تكن النتائج دائماً دقيقة، إذ أظهر البحث عن «فستان والدة العروس لحفل زفاف صيفي في كاليفورنيا» بعض الفساتين البيضاء اللامعة التي بدت أقرب لحفلة توديع عزوبية.تقرّ بورنستاين بأن الذكاء الاصطناعي لا يزال قيد التطوير، مضيفة: «نحتاج إلى بيانات عمّا يفعله الناس كي نتعلم ونتحسن، فحين يقول المستخدم إنه يبحث عن فستان لرحلة إلى اليونان في أغسطس، يجب أن يفهم النظام أن الطقس سيكون حاراً، أو أن الفستان لحفل زفاف رسمي فيتطلب مظهراً أنيقاً».أطلقت الشركة إصدارها التجريبي للويب الشهر الماضي، وتخطط لإطلاق تطبيقها الرسمي في الخريف المقبل.وفي المستقبل، تتوقع بورنستاين أن يمتد دور الذكاء الاصطناعي إلى ما هو أبعد من التسوق، ليشمل أيضاً تنسيق الملابس مع القطع الموجودة في خزانة المستخدم.وتختتم حديثها قائلة: «كانت هذه فكرتي منذ البداية، لكنني لم أكن أعرف حينها مصطلح الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولم أكن أعلم أن نماذج اللغة الكبيرة ستكون هي المفتاح».