اقتصاديون يعبرون عن عدم ثقتهم في تصريحات ترامب حول تصدير لحوم الأبقار إلى أستراليا

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة ستصدّر «كميات ضخمة» من لحوم البقر إلى أستراليا بعد أن خفّفت كانبيرا القيود على الواردات يوم الخميس، غير أن خبراء اقتصاد ومتعاملين في الأسواق شككوا في هذا التوقع، مؤكدين أن الأسعار المرتفعة ونقص المعروض في السوق الأميركية تجعلان من غير المرجح أن تشهد صادرات كبيرة من اللحوم الأميركية إلى أستراليا.
ووفقاً للخبراء، تصدّر الشركات الأميركية كميات محدودة من لحوم البقر إلى المشترين في أستراليا، بينما تستورد الولايات المتحدة كميات أكبر من لحوم البقر قليلة الدهون التي تُستخدم في صناعة البرغر، خصوصاً مع تراجع الإنتاج المحلي نتيجة انخفاض أعداد الماشية.
وتشير التقديرات إلى أن الحظر المفروض على استيراد الماشية من المكسيك بسبب انتشار آفة «الدودة اللولبية الجديدة»، إلى جانب الرسوم الجمركية العالية على اللحوم البرازيلية التي ستدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس، قد يزيدان من حدة النقص، ما يدفع الولايات المتحدة إلى استيراد المزيد من اللحوم من أستراليا.وقال دان نورسيني، وهو تاجر ماشية مستقل في الولايات المتحدة: «نحن لا نحصل على ما يكفي من لحوم البقر هنا، لذلك نستوردها من أستراليا والبرازيل، لن نبيع كميات تُذكر لأي أحد».وبحسب البيانات، صدّرت أستراليا نحو 400 ألف طن متري من لحوم البقر إلى الولايات المتحدة العام الماضي، بقيمة بلغت 2.9 مليار دولار، في حين بلغت وارداتها من اللحوم الأميركية 269 طناً فقط.وصرّح ديفيد أندرسون، خبير الاقتصاد الزراعي في جامعة تكساس A&M، قائلاً: «عدد رؤوس الماشية لديهم أكبر من عدد السكان، ولهذا يصدرون كل هذه الكميات».اختلاف في المذاقوأشار جيري كلاسِن، كبير المحللين في شركة Resilient Capital الكندية، إلى أن لحوم البقر الأميركية تختلف في مذاقها عن الأسترالية، حيث يفضّل الكثير من الأستراليين لحوماً معتمدة على العشب، في حين تعتمد اللحوم الأميركية غالباً على نظام تغذية معتمد على الحبوب، وهو ما يعطيها قواماً دهنياً أكثر (marbled beef). وقال كلاسِن إنه لا يتوقع أن تصدّر الولايات المتحدة كميات ملحوظة من اللحوم إلى أستراليا خلال السنوات الخمس المقبلة.وفي هذا السياق، قال كارل سيتزر، شريك في شركة Consus Ag: «نحن ببساطة غير قادرين على تصدير الكثير من اللحوم في الوقت الحالي، والواقع أن أستراليا ليست بحاجة حقيقية للحوم الأميركية».لكن ترامب تجاهل هذه الحقائق خلال منشور له هذا الأسبوع عبر منصة «تروث سوشال»، وقال: «سنصدّر الكثير إلى أستراليا لأن هذا إثبات لا يمكن إنكاره أو الطعن فيه بأن لحوم البقر الأميركية هي الأكثر أماناً وجودة في العالم»، مضيفاً: «الدول الأخرى التي ترفض لحومنا الفاخرة أصبحت في دائرة المراقبة».وسبق لترامب أن أعاد التفاوض على عدد من الاتفاقيات التجارية مع دول اتهمها بـ«استغلال» الولايات المتحدة، وهي مزاعم يُشكك فيها عدد كبير من خبراء الاقتصاد.وفي هذا السياق، وصف ممثل التجارة الأميركي، جيميسون غرير، قرار أستراليا بأنه «خطوة كبيرة نحو إزالة الحواجز التجارية وتأمين الوصول إلى الأسواق لصالح المزارعين ومربي الماشية الأميركيين».من جانبها، أوضحت السلطات الأسترالية أن تخفيف القيود لم يكن جزءاً من أي مفاوضات تجارية، بل نتيجة تقييم طويل الأمد لممارسات الأمن الحيوي الأميركية.يُذكر أن أستراليا كانت قد فرضت قيوداً على واردات اللحوم الأميركية منذ عام 2003 بسبب مخاوف تتعلق بمرض جنون البقر، ومنذ عام 2019، سمحت باستيراد لحوم الأبقار المولودة والمرباة والمذبوحة داخل الولايات المتحدة، لكن عدداً قليلاً من المورّدين الأميركيين استطاعوا إثبات أن ماشيتهم لم تأتِ من كندا أو المكسيك، حيث تعتمد الولايات المتحدة جزئياً على استيراد صغار الماشية من البلدين المجاورين.وفي بيان صدر يوم الأربعاء، قالت وزارة الزراعة الأسترالية إن أنظمة تتبع الماشية والسيطرة عليها في الولايات المتحدة قد تحسنت بما يكفي للسماح باستيراد لحوم أبقار مولودة في كندا أو المكسيك ولكن ذُبحت في الولايات المتحدة.وأثار القرار بعض القلق في أستراليا، حيث يُعدّ الحفاظ على الأمن الحيوي أولوية قصوى لحماية القطاع الزراعي من الأمراض والآفات.وفي هذا الصدد، قال ديفيد ليتلبراود، وزير الزراعة الأسترالي السابق والمعارض الحالي، في بيان: «نريد أن نعرف ما إذا كانت الحكومة قد ضحت بمعاييرنا الصارمة في الأمن الحيوي فقط ليحصل رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي على اجتماع مع الرئيس ترامب».وتجدر الإشارة إلى أن أستراليا تخضع حالياً لرسوم جمركية أميركية بنسبة 10% على جميع الصادرات، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 50% على الصلب والألومنيوم، فيما هدّد ترامب بفرض رسوم تصل إلى 200% على الأدوية.وعند سؤاله عن ما إذا كان القرار يساعد في التوصل إلى اتفاق تجاري، قال وزير التجارة الأسترالي دون فاريل: «لست متأكداً كثيراً»، مضيفاً: «لم نتخذ هذا القرار من أجل استمالة الأميركيين لعقد اتفاقية تجارية، نحن نعتقد أنهم يجب أن يفعلوا ذلك على أي حال».