اتساع الفجوة التجارية على مستوى العالم.. التحولات في الحسابات الجارية تتغير من انكماش إلى اتساع مقلق

كشف صندوق النقد الدولي عن تحوّل مقلق في عام 2024، إذ اتسعت الاختلالات مجدداً بنسبة 0.6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو أكبر اتساع منذ عقد، ما يضع ضغوطاً جديدة على الاقتصاد العالمي وقد يعيد شبح الاختلالات المالية التي سبقت أزمات سابقة.في تقريره السنوي للقطاع الخارجي لعام 2025، الذي سيتم نشره كاملاً في 11 أغسطس آب 2025، والذي يغطي 30 من أكبر اقتصادات العالم أي ما يمثل نحو 90% من الناتج العالمي، أشار الصندوق إلى أن ثلثي هذا الاتساع يُعتبر مفرطاً ويعكس اختلالات داخلية في السياسات المالية والاقتصادية لتلك الدول.
وتُظهر البيانات أن الفوائض الكبيرة تتركز في دول مثل سنغافورة (17.5%)، وهونغ كونغ (12.9%)، وهولندا (9.9%)، بينما تعاني دول كبرى مثل الولايات المتحدة (-3.9%)، والمملكة المتحدة (-2.7%)، وتركيا (-0.8%)، والبرازيل (-2.8%) من عجز متفاقم في حساباتها الجارية.
أين تكمن الخطورة؟
بينما قد تؤدي الفوائض الضخمة في دول أخرى إلى زيادة في الادخار المفرط وانخفاض أسعار الفائدة عالمياً، ما قد يولّد فقاعة ديون أو ركوداً في الاستثمارات.ومن بين الأسباب الهيكلية وراء هذه الفجوة بالأساس هي السياسات المالية التوسعية في الولايات المتحدة، وضعف الطلب المحلي في الصين، الذي يعزز الفائض التجاري، وتراجع تنافسية أوروبا مقارنة بالاقتصاد الأميركي.بالنسبة للحلول المطروحة ببساطة، على الولايات المتحدة اتباع سياسة مالية أكثرانضباطاً والحد من عجز الميزانية، ويجب على الصين تعزيز الاستهلاك المحلي بدلاً من الاعتماد على التصدير، وتحتاج منطقة اليورو إلى استثمارات عامة في البنية التحتية لتضييق فجوة الإنتاجية مع أميركا.رغم هذه الاختلالات، يبقى الدولار الأميركي هو العملة المهيمنة عالمياً، مدعوماً بشبكة مترابطة من الاستخدامات كعملة تجارة واحتياطي وأداة استثمار آمنة.لكن، مع تراجع الدولار بنسبة 8% منذ بداية 2025، وازدياد القلق بشأن الدين الأميركي، بدأت بعض الأسواق في إعادة النظر في مدى تعرضها للدولار، دون أن تهتز الثقة بشكل كبير حتى الآن.باختصار، لن تُحلّ الاختلالات العالمية بفرض المزيد من الحواجز التجارية، بل من خلال إصلاحات داخلية شاملة وتنسيق دولي متوازن، إذ يُحذّر التقرير من أن اللجوء إلى الحماية التجارية قد يُفاقم التفتت الجغرافي الاقتصادي ويُلحق أضراراً طويلة الأمد بالنظام المالي العالمي.