الإثارة الأميركية بشأن اتفاقيات التجارة تغفل واقع الرسوم الجمركية

سجّل مؤشر ستاندرد آند بورز 500، ومؤشر فوتسي 100 البريطاني، ومؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال لجميع الدول، مستويات قياسية جديدة هذا الأسبوع، كما أن المؤشرات العالمية الأخرى ليست بعيدةً عن ذلك، وقد رفع محللو غولدمان ساكس وبنوك كبرى أخرى مؤخراً توقعاتهم لارتفاع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لنهاية العام بنسبة تصل إلى 10%.
يشير هذا إلى أن استراتيجية ترامب الفوضوية ظاهرياً، والتي تتمثل في التهديد بتدمير اقتصادي متبادل، وانتزاع تنازلات، ثم التراجع للحد من أضرار السوق، بدأت تؤتي ثمارها
من سيدفع؟
على الرغم من نشوة الأسواق، تبقى الحقيقة أنه في 31 ديسمبر كانون الأول من العام الماضي، كان متوسط الرسوم الجمركية الأميركية الإجمالية على السلع المستوردة نحو 2.5%، لذا حتى لو انتهى الأمر عند النطاق المتوقع بين 15 و20%، فسيظل ستة أضعاف ما كان عليه الوضع قبل بضعة أشهر فقط، وهو أعلى مستوى له منذ ثلاثينيات القرن الماضي.يُقدّر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن عائدات الرسوم الجمركية هذا العام قد تصل إلى 300 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي، أما إذا استقرت قيمة واردات السلع عند نفس مستوى العام الماضي، 3.3 تريليون دولار، فإن فرض ضريبة جمركية بنسبة 15% قد يُحصّل ما يقارب 500 مليار دولار، أي ما يزيد على 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي.من سيدفع هذه الفاتورة؟ هل سيدفعها المستهلك الأميركي؟ أم المستوردون؟ أم المصدرون في الخارج؟ أم مزيج من الثلاثة؟يُرجح جيمي ماكجيفر، المحرر المالي في رويترز، أن تُقسّم هذه الفاتورة في الغالب بين المستهلكين والشركات الأميركية، ما يُقلّص إنفاق الأسر وأرباح الشركات، وفي كلتا الحالتين سيكون الأمر مُضرّاً بالنمو.لكن سيستغرق وصول السلع المُتأثرة بالرسوم الجديدة إلى رفوف المتاجر أشهراً.قال بوب إليوت، المدير التنفيذي السابق في شركة بريدج ووتر ومؤسس شركة أنليميتد، لشبكة سي إن بي سي يوم الأربعاء «لا يزال أمامنا طريق طويل قبل أن نتمكن من القول إن الاقتصاد الأميركي بدأ يشعر بالتأثير الكامل لسياسات التعريفات الجمركية المُعلنة».لكن في غضون ذلك يبدو أن مستثمري الأسهم يتجاهلون كل هذا.
تفاؤل الأسواق
يبدو زخم السوق على المدى القصير واضحاً، فقد أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500، لمدة 62 يوماً متتالياً، عند مستوى أعلى من المتوسط المتحرك لقيم التداول للمئتي يوم السابقة، وهي أطول سلسلة إيجابية منذ عام 1997، وفقاً لريان ديتريك من مجموعة كارسون.والمتوسط المتحرك لقيم التداول لـ200 يوم السابقة، هو مؤشر مهم يظهر مدى قوة نقاط دعم الأسواق للصعود، إذا كانت قيمة الإغلاق أعلى من المتوسط المتحرك.ووفقاً لمجموعة بورصات لندن يبلغ متوسط توقعات نمو أرباح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 للعام المقبل 14%، وأظهر استطلاع رأي أجرته رويترز أواخر العام الماضي متوسط نمو متوقع لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 في نهاية عام 2025 عند 6500 نقطة، والمؤشر قريب من ذلك بالفعل.
الاقتصاد الحقيقي
هل يمكن لاقتصاد يُتوقع أن يبلغ معدل نموه العام المقبل 2% أو أقل أن يدعم هذه التوقعات العالية؟بالطبع سيشكل معدل النمو تحدياً لمعظم الشركات، باستثناء شركات التكنولوجيا العملاقة «السبعة الرائعة» التي قد يحميها حجمها بشكل أفضل من الرسوم الجمركية أو تباطؤ النمو.وفي نهاية المطاف، كل هذا كان تجربة ضخمة تُقارن بين سياسات الحماية التجارية التي أدت إلى الكساد الكبير في القرن الماضي، وبين المبادئ الاقتصادية الراسخة على مدى الأربعين عاماً الماضية، وقد أظهر مستثمرو الأسهم قدرتهم على إيجاد بصيص أمل في أي شيء تقريباً حتى لو خالف أبسط قواعد الاقتصاد.يقول برايان جاكوبسن، كبير الاقتصاديين في شركة أنيكس لإدارة الثروات «إن عبارة (كان من الممكن أن يكون الوضع أسوأ) لا تُمثل أساساً جيداً لانتعاش السوق».(رويترز)