«تشابال».. صراع صنادل هندية يتفجر على منصة أزياء الرجال في ميلانو

عندما عرضت دار أزياء برادا مجموعة من الصنادل البنية المزينة بحلقات أصابع مميزة وخياطة متقنة على منصة عرض أزياء الرجال في ميلانو الشهر الماضي، سارع المراقبون إلى الإشارة إلى تشابهها مع أحذية يدوية تراثية هندية عمرها قرون تسمى «تشابال» وتعود جذورها إلى القرن الثاني عشر الميلادي.
يُعزى هذا النمو إلى صعود الطبقة المتوسطة، وزيادة التحضر، وظهور جيل جديد من المستهلكين الشباب المهتمين بالعلامات التجارية العالمية، واستجابة لذلك استثمرت العلامات التجارية الكبرى بكثافة في الهند.
من بين دور الأزياء التي افتتحت متاجر رئيسية في مومباي ودلهي خلال السنوات الثلاث الماضية، لويس فيتون، وبالنسياغا، وفالنتينو، كما تعاونت علامات تجارية أخرى مع علامات أو مبدعين هنديين في تصميمات تهدف إلى مخاطبة الجمهور المحلي.وقال مصمم الأزياء الهندي الشهير، جاراف غوبتا، إن بعض هذه العلامات التجارية «تتكيف بشكل رائع مع احتياجات السوق»، لكن «الانفصال الحقيقي يحدث عندما تنظر العلامات التجارية إلى الهند كفرصة تجارية بدلاً من كونها حواراً ثقافياً».
جدل مستمر
يُعدُّ الإلهام الهندي أساسياً في الأزياء الغربية، لكن اتهامات الاستيلاء الثقافي تزايدت في السنوات الأخيرة نتيجة لتزايد استخدام الإنترنت في البلاد، وصعود منصات التواصل الاجتماعي، وتنامي الشعور بالفخر الثقافي.صرّحت توليكا غوبتا، مديرة المعهد الهندي للحرف والتصميم في جايبور، في رسالة بريد إلكتروني «يدرك الكثيرون من الهنود حقوقهم، ويريدون الاعتراف بإرثهم».في عام 2019 أثارت دار أزياء غوتشي جدلاً واسعاً بطرحها «عمامة إندي الكاملة» والتي كانت تُشبه إلى حد كبير عمامة السيخ التقليدية، مما أثار ردود فعل غاضبة من مجتمعات السيخ في الهند.تم بيع عمامة غوتشي مقابل 790 دولاراً أميركياً على موقع نوردستروم الإلكتروني، ولكن مع تصاعد الهجوم أُزيلت القطعة من الموقع، وسرعان ما اعتذرت نوردستروم.في العام نفسه، تعرضت شركة الملابس «ريفورميشن» لانتقادات لبيعها بلوزة وتنورة ووشاحاً ذكّرت العديد من الهنود بثوب الـ«ليهينغا» الهندي، وهو عنصر أساسي في الأزياء الهندية لقرون.وتعرضت إتش آند إم مؤخراً لانتقادات لاذعة بسبب طقم قميص وبنطال شفاف بدون أكمام، شبهه العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بـ«السلوار قميص»، وهو سترة وبنطال هندي تقليديين.
مركز تصنيع
الهند ليست مجرد مصدر إلهام للأزياء الفاخرة، بل هي أيضاً جزء لا يتجزأ من سلاسل التوريد العالمية، ورغم الدور الأساسي للحرفيين الهنود في صناعة الملابس، غالباً ما تُشحن إبداعاتهم إلى أوروبا للتجميع النهائي هناك، وبالتالي يتم تصنيف الملابس على أنها «مصنوعة» في أوروبا.ووفقاً لعمران آميد، رئيس تحرير مجلة «ذا بيزنس أوف فاشون»، فإن هذا الشكل من سلاسل التوريد «حوّل الهند إلى مركز تصنيع، بينما تحظى أوروبا بالتقدير الثقافي والاقتصادي»، مضيفاً عبر البريد الإلكتروني «الأمر لا يتعلق فقط بصندل برادا، بل كان رد فعل على تاريخ طويل من التجاهل وقلة التقدير».بالنسبة للعديد من الهنود، تُجسّد أحذية (تشابال) التي قالت برادا إنها استوحت منها تصميم صنادلها الجديدة، براعة وفن مدينة كولهابور التاريخية، حيث تعمل 10 آلاف عائلة تقريباً في تجارة (تشابال)، والعديد منهم يعانون ظروفاً سيئة ويكسبون أجوراً منخفضة.في الهند يمكن بيع أحذية تشابال بأسعار تبدأ من 5 دولارات وتصل إلى 100 دولار، حسب جودة الجلد ومستوى الحرفية، بينما تُباع أحذية دار الأزياء الفاخرة عادةً بأسعار تتراوح بين 700 دولار وأكثر من 2000 دولار، ولم يتم حتى الان الإعلان عن أسعار الصندل المستوحى من الصندل الهندي.
تعاون إيجابي
استطاعت بعض العلامات التجارية الغربية جذب الجمهور الهندي عن طريق احترام حرفيته، ففي عام 2023، تصدرت دار كريستين ديور عناوين الصحف الهندية باستضافتها عرض أزياء بارزاً في بوابة الهند التاريخية في مومباي، كاشفة عن مجموعة احتفت بالفن الهندي، تضمنت تطريز باناراسي، وأعمال المرايا، وتفاصيل الصباغة، وياقات نهرو، وخياطة الكورتا، وهي زخارف متجذرة في التقاليد والحرفية الهندية.وبالمثل أطلقت نايكي الشهر الماضي أول تعاون لها مع علامة أزياء هندية، نور بلاك نور وايت، كاشفة عن مجموعة من الملابس الرياضية المستوحاة من تقنيات الصباغة التقليدية الهندية، وقد لاقت هذه الخطوة ترحيباً واسعاً من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الهند.(ريا موغول وأليشا بيبي، CNN)