3 قرارات لترامب تحدد ملامح الاقتصاد العالمي في الفترة المقبلة

قبل أسبوع فقط من بدء تنفيذ حزمة رسوم جمركية شاملة في الأول من أغسطس آب، يقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام ثلاثة قرارات حاسمة قد تعيد رسم مسار الاقتصاد الأميركي والعالمي. فبين رسوم عالمية على الواردات، وضرائب محتملة على الأدوية المصنعة خارج أميركا، واحتمال تأجيل التنفيذ في اللحظات الأخيرة، يترقب المستثمرون والشركات العالمية مصير قرارات تحمل في طياتها آثاراً مباشرة على الأسواق والأسعار وسلاسل الإمداد.
القرار الأول.. الرسوم الشاملة الجديدة
ومع اقتراب موعد التنفيذ، تزايدت التلميحات برفع هذه النسبة إلى 15%، وربما إلى 20%، أكدت تصريحات ترامب الأخيرة أن «جميع الدول ستدفع»، ملمّحاً إلى أن هذا القرار قد يشمل دولاً لم يتم التوصل معها إلى اتفاقات تجارية، على غرار الاتفاقات الأخيرة مع اليابان وإندونيسيا والفلبين وفيتنام.
ستطول الرسوم الجديدة نحو 2.9 تريليون دولار من السلع سنوياً، ما يعني فرض ضرائب تتجاوز 435 مليار دولار يتحملها المستهلكون والشركات الأميركية، وفقاً لتقديرات الخبير المالي بيتر بوكفار. وهي تقارب تكلفة ما تدفعه الشركات الأميركية سنوياً كضرائب دخل، وستزيد العبء المالي على كل أسرة أميركية بمقدار 2,400 دولار في المتوسط.
القرار الثاني.. ضرائب على الأدوية المستوردة
لكنه لم يوضح حتى الآن أي تفاصيل بشأن التنفيذ أو الاستثناءات أو الجدول الزمني، علماً بأن غالبية الأدوية في السوق الأميركي تأتي من مصانع أجنبية.يحذر الخبراء من أن مثل هذا القرار سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الأدوية، وقد يعمّق من أزمة نقص الأدوية الحالية، خاصة في ظل صعوبة نقل سلاسل الإنتاج إلى الداخل الأميركي في فترة قصيرة. وعلى الرغم من إعلان شركات مثل أسترازينيكا عن توسيع عملياتها في أميركا، فإن هذه التوسعات كانت قيد التنفيذ قبل وصول ترامب إلى السلطة.
القرار الثالث.. التراجع أو المضيّ قدماً
السؤال الأهم حالياً، هو هل سيمضي ترامب في تطبيق هذه الرسوم فعلاً؟ أم أنه سيؤجلها مجدداً كما فعل في أبريل نيسان عندما أدّت التهديدات الجمركية إلى هبوط حاد في الأسواق، كاد أن يدخل وول ستريت في موجة هبوط عنيفة؟تعافت الأسواق لاحقاً بعد إبرام اتفاقات مع الصين واليابان، ومع تنامي الاعتقاد بأن الرئيس الأميركي يتراجع عادة في اللحظة الأخيرة تحت ضغط السوق، وهو ما أصبح يُعرف بظاهرة «ترامب يتراجع دائماً» أو تاكو TACO.لكن هذه المرة قد تكون مختلفة، بحسب خبراء.. الأسواق مستقرة حالياً، والأسهم تسجل مستويات تاريخية، ما يقلل من دوافع التراجع.غير أن الاتفاق الإيجابي المفاجئ مع اليابان، قبل أيام، قد يكون مؤشراً على رغبة البيت الأبيض في تفادي التصعيد مع الشركاء الكبار مثل الاتحاد الأوروبي، خاصة مع تهديدات أوروبية بالرد بالمثل.يعود الجدل حول الرسوم الجمركية إلى بداية أبريل نيسان حين أعلن ترامب فرض رسوم شاملة بنسبة 10% على معظم الواردات. وقد تراجع عن بعض هذه الرسوم لاحقاً بعد ضغط من الأسواق، لكنه اليوم يعود مجدداً نحو تشديد القيود التجارية مع اقتراب موعد تطبيق الحزمة الجديدة في مطلع أغسطس.قد تكون المعركة الجمركية الجديدة الأخطر منذ عقود، ليس فقط بسبب أرقامها الضخمة، بل لأنها تأتي في لحظة حساسة تتداخل فيها السياسة والاقتصاد قبل انتخابات أميركية مرتقبة. قد تعزّز الرسوم المرتقبة موقف ترامب أمام الناخبين من زاوية «حماية الصناعة الوطنية»، لكنها تهدد في الوقت ذاته بزيادة التكاليف على الأسر والشركات، في وقت يحاول فيه الاقتصاد العالمي التعافي من أزمات متراكمة.